الحملة التونسية للمقاطعة ومناهضة التطبيع تدعو التونسيّين إلى الامتناع عن زيارة الضفّة الغربية المحتلّة

تونس – الوطن العربي – مناهضة التطبيع

أصدرت الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني بيانًا على خلفية منع الاحتلال الصهيوني لموسيقيّين تونسيّين، ضمن فرقة الفنّان لطفي بوشناق، من دخول مدينة رام الله للمشاركة بمهرجان فنّي يُقام بها هذه الأيّام. وقد وصفت الحملة في البيان، المنشور أدناه، زيارة الضفّة الغربيّة المحتلّة بـ”التطبيع غير المُتعمَد” مع العدوّ الصهيوني، لما يتضمّنه ذلك من تواصل مباشر مع جنوده عند المعابر. وكذلك لما تفضي اليه هذه الزيارات من اعتراف ضمني بحقّ سلطات الاحتلال في تقرير من يدخل أو لا يدخل فلسطين، علمًا وأنّها تحرم من ذلك كافّة الفلسطينيّين من أبناء قطاع غزّة المحاصر، إلى جانب اللاجئين وأبنائهم. وهذا فضلاً عن كونها تفتح الباب لمختلف أوجه التطبيع من مبادلات تجارية وزيارات سياحية وغيرها.


بيان على ضوء منع الاحتلال موسيقيّي فرقة لطفي بوشناق زيارة رام الله:

يا فنّاني تونس ومواطنيها: زيارتكم للضفّة الغربية المحتلّة تطبيعٌ مع الاحتلال!

تناقلت وسائل الاعلام أمس الثلاثاء خبر رفض سلطات الاحتلال الاسرائيلي منح موسيقيّي فرقة الفنّان التونسي لطفي بوشناق تصاريح دخول للضفّة الغربية المحتلّة للمشاركة في مهرجان فنّي بمدينة رام الله.

ولا يُعدُّ هذا القرار سابقة من نوعه. إذ رفضت سلطات الاحتلال قبل فترة منح نقيب الصحفيين التونسيين ناجي البغوري تصريحًا بدخول الضفّة. ويحصل هذا المنع في نفس الوقت الذي وافقت فيه نفس السلطات الصهيونية على منح الفنانة التونسية غالية بن علي تصريح دخول للمشاركة في نفس المهرجان.

انّ تكرّر هذه الزيارات في السنوات الأخيرة (خاصّة من بعض الفنانين وناشطي المجتمع المدني)، وما تبعها مؤخّرا من تنظيم بعض وكالات الأسفار عديمة الوطنية والأخلاق لرحلات “سياحة دينية” إلى القدس المحتلّة، يفرض علينا أن نطرح مجدّدا – وبصوت أعلى – على طاولة النقاش موضوع “التطبيع غير المُتعمَّد” مع العدوّ الصهيوني. ونقصد بالتطبيع العفوي زيارة الضفّة الغربية المُحتلّة بدعوى أنّها “مُحرَّرة” أو “تحت سيادة السلطة الفلسطينية”.

إذ نرى في الحملة التونسية للمقاطعة ومناهضة التطبيع أنّه لا يمكن لوم الاحتلال على رفضه دخول مواطنين عرب إلى فلسطين المحتلّة. فتلك هي طبيعته وأساليبه المعلومة. بل انّ اللوم – والإدانة في حالة الاصرار على هذا السلوك – يجب أن يُوجَّهَ لمن يقبل أن تصرِّح له سلطات الاحتلال بإمكانيّة دخول الضفّة الغربية المحتلّة من عدمها.

فقبل كلّ شيء، بأيّ حقّ يسمح المواطن/ـة العربيّ/ـة لنفسه /ـها بأن يزور الضفّة الغربية في الوقت الذي يمنع فيه الاحتلال من ذلك الفلسطينيّين أنفسهم، تحديدًا اللاجؤون وأبناؤهم، فضلاً عن مواطني قطاع غزّة المحاصر؟!

ثانيًا، يعتقد بعض من يزور الضفّة الغربية المحتلّة أنّ ذلك لا يتطلبّ موافقة اسرائيلية. صحيح أنّ الصهاينة قرّروا في السنوات الأخيرة عدم وضع أختام على جوازات سفر الزوّار العرب (وفي ذلك دليل اضافي على أنّهم يشجّعون هذه الزيارات)، الاّ أنّه لا يمكن لأيّ مواطن من دولة عربية زيارة الضفّة من دون “تصريح دخول” تمنحه له السلطات الصهيونية (وهو ما يفسّر قدرتها على منع من لا ترغب في دخولهم كما جرى في الحادثة الراهنة)، ولا تملك السلطة الفلسطينيّة أيّ قدرة على نقض قرار الصهاينة أو منعه.

كذلك، إنّ الزوّار العرب مضطرّون للتواصل المباشر مع جنود الاحتلال في معبر (الكرامة – الجسر) البرّي الواقع على الحدود مع الأردن. وذلك عبر الخضوع لتفتيشهم المُهين، وأحيانًا للتحقيق، وهو ما يفسّر حصول تلك الصورة المشينة التي جمعت قبل ثلاث سنوات الفنّان صابر الرباعي بجندي صهيوني.

ثالثًا، يجادل بعض من يزور الضفّة الغربية المحتلّة بأنّها “أرضٌ مُحرّرة” أو”تحت سيادة السلطة الوطنية الفلسطينية”. بدايةً، كلّ الوقائع على الأرض من اغتيالات، ومن آخرها اغتيال الفدائي الشهيد عمر أبو ليلى، واجتياحات واعتقالات يومية لمدن الضفّة وقرارها من قبل الجيش الاسرائيلي تدلّ على أنّ مناطقها ليست مُحرّرة وما تزال تحت الاحتلال شبه المباشر للجيش الاسرائيلي.

أمّا عن كونها “تحت سيادة السلطة الفلسطينية”، فإنّ الجميع يعلم أنّ هذه السلطة لا تملك حتّى السيادة على مقرّاتها (من نسيَ مثلاً كيف دخلت قوّات الاحتلال الصهيوني قبل بضع سنوات لاعتقال أحمد سعدات، الأمين العامّ للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ورفاقه من سجن أريحا؟). كما أنّ الكيان الصهيوني لا يتردّد في قطع المستحقات المالية لموظّفيها عندما يريد تأديب محمود عبّاس وزمرته. وإلى غير ذلك من الوقائع التي تفنّد زعم أنّها “تحت سيادة السلطة”.

إلى ذلك، نحن في الحملة التونسية للمقاطعة ومناهضة التطبيع لا نخجل في أن نصارح شعبنا، بما يقوله أحرار الشعب الفلسطيني، حول أنّ هذه السلطة، المبنثقة عن اتفاقيات أوسلو سيّئة الذكر، هي سلطة متعاونة مع الاحتلال. فهذه السلطة لم تنفكّ – خاصّة منذ اغتيال رئيسها الراحل ياسر عرفات – تُنسّق أمنيا مع العدوّ الصهيوني ضدّ المقاومين من أبناء شعبها، فضلاً عن تورّطها في التطبيع المجاني معه. وبالتالي فإنّ التطبيع مع مؤسّسات هذه السلطة هو تطبيع مع أذناب الاحتلال لا غير. وفي هذا الصدد نحن نفرّق بين حاجة الشعب الفلسطيني في الضفّة الغربية وقطاع غزّة، في سياق تعزيز صموده على أرضه، إلى التعامل مع المؤسسات الخدمية والإدارية والثقافية لهذه السلطة – التي فُرضت عليه كنتيجة لاتفاقيات أوسلو التفريطية – وبين عدم حاجتنا كمواطني دول عربيّة إلى ذلك.

وعليه، تدعو الحملة التونسية للمقاطعة ومناهضة التطبيع مجدّدًا كافّة الفنانين/ الفنّانات وعموم المواطنين التونسيين/ـات إلى التوقّف عن زيارة كافة مناطق فلسطين المحتلّة بما في ذلك الضفّة الغربية، وخاصّة القدس الشرقية (الواقعة تحت الاحتلال المباشر)، طالما يخضع ذلك لقرار سلطات الاحتلال الصهيوني (الاستثناء الوحيد هو زيارة قطاع غزّة المُحرّر في اطار كسر الحصار عنه).

فبالرغم ممّا قد تتيحه هذه الزيارات من تواصل انساني وثقافي، الّا أنّها تخدم أكثر مصلحة العدوّ الصهيوني. إذ يستعملها من جهة ليزيّن احتلاله ويُظهر للعالم أنّ الفلسطينيّين يعيشون في “وضع طبيعي”، وأنّهم غير محاصرين ويمكنهم تنظيم مهرجانات واستقبال زوّار والخ. ومن جهة ثانية، يفرض العدوّ علينا، عبر استئثاره بقرار قبول ورفض من يزور فلسطين وكيف، التطبيع مع احتلاله لها كأمر واقع. هذا فضلاً عن أنّ هذه الزيارات – التي لا تُخصّص كلّها للتضامن أو النشاط الثقافي المشترك – تفتح الباب على مصراعيه للمبادلات التجارية وللزيارات السياحيّة (كما أشرنا أعلاه) وغيرها من أوجُه التطبيع.

أخيرًا، بغضّ النظر عن النوايا التضامنيّة الصادقة للعديد من الفنانين أو ناشطي المجتمع المدني أو عموم المواطنين، نؤكّد أنّه لا نتيجة ملموسة لهذه الزيارات سوى التطبيع مع الاحتلال الصهيوني لفلسطين المحتلّة. وذلك أوّلا عبر التواصل المباشر مع جنود الاحتلال في المعابر، وثانيًا عبر القبول بأن يختار الصهاينة من يدخل فلسطين ومن لا يدخلها.

أمّا من يريد التضامن فعليًا مع الشعب الفلسطيني المناضل، فلذلك طرق ووسائل عدّة. لعلّ من أهمّها النضال داخل بلداننا ضدّ تطبيع أنظمتنا مع الكيان الصهيوني والمطالبة بتسهيل زيارة الفلسطينيين لبلداننا، فضلاً عن دعم مقاوميه ومناضليه عند الإمكان. أمّا عن حجّة ضرورة “التواصل” مع أبناء شعبنا الفلسطيني وتوطيد العلاقات الثقافية والفنّية وغيره، فإنّه يمكن اليوم – في ظلّ تطوّر تكنولوجيا الاتصالات – المشاركة في تظاهرات فنية أو اعلامية عبر الانترنات والفضائيات ودون حاجة لتقديم تنازلات سياسية وأخلاقية للعدوّ الصهيوني ولأذنابه.

#زيارة_الضفّة_تطبيع

#لا_للتطبيع_وان_كان_غير_مُتعمَّدًا

#حاصر_حصارك_قاطع_سجّانك

#محاصرة_السجّان_أولى_من_زيارة_السجين_اذا_كان_ثمنها_التطبيع

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *