مراسلة – خاصّ – انحياز – حيّ التضامن
حسّان الموسي
ناشط بالمجتمع المدني المحلّي بحيّ التضامن
دشّن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يوم الأحد 14 جانفي الجاري، بمناسبة الذكرى السابعة للثورة، دار الشباب بحيّ التضامن وسط حضور أمني مكثف. إذ لم يُسمح لأحد بالمرور إلاّ بعد تفتيشه والإستظهار ببطاقة التعريف.
تأخّر حضور الموكب الرئاسي إلى حدود الساعة الحادية عشر صباحا وسط انتظار المواطنين بتوجّس من امكانية الغاء الزيارة لدواع أمنية أو صحيةّ؛ وقد كان الإستقبال جنائزيا، اذ خيّم الصمت على الفضاء -المُمْتَدّ قبالة دار الشباب أيْن تجمهر الناس خلف الحاجز الأمني- ولم يلق الرئيس إستقبالا حارًا من المواطنين الذين عبّروا، على طريقتهم، عن غضبهم ومعاتبتهم. فلم يشهد مرور الموكب سوى بعض المحاولات الخجولة للتصفيق والنداءات المناشدة للرئيس من عجزة الصفّ الأول.
حال وصوله للسياج الخارجي لدار الشباب توجّه الرئيس مباشرة إلى نصب التدشين لبدأ المراسم بإماطة العلم عن اللوح الحجري في غياب أنغام النشيد الرسمي للجمهورية. ثمّ توجّه للداخل دون إلقاء كلمة على مسامع المواطنين المتعطشين لسماع خطاب مطمئن في مستوى انتظارات الأهالي، ويحمل أملًا لمتساكني المنطقة والحلول لمشاكل الجهة (خاصة ظروف المعيشة، مشاكل البنية التحتية والتنقل…) وتصوّر لواقع الشباب (البرامج، التشغيل، الإحاطة والخ.).
رافق الرئيس في جولته بين أروقة دار الشباب ثلّة من الوزراء ونوّاب الشعب، تتقدّمهم وزيرة الشباب والرياضة ماجدولين الشارني. بالداخل تعرّف السبسي على مختلف المناشط المُعَدَّة لفائدة روّاد دار الشباب والتقى مجموعة من الشباب يمثّلون شباب الحيّ، وسلّم آخرين عددًا من القروض لبعث مشاريعهم؛ ثم ألقى كلمته أمام مرافقيه والشباب المتواجد معه. وكان أهمّ ما جاء فيها بعث “صندوق الكرامة” وتشجيع الشباب.
ختاما، عرّج الرئيس على المنتزه البلدي الذي شملته كذلك الإصلاحات، وتم تهيئته ببعث جملة من المناشط، ليغادر بعدها حيّ التضامن.
تجدر الإشارة إلى ما أعقب الزيارة من سخط جماهيري، خاصّة في صفوف الشباب. وذلك نظرا لاقتضابها، وخصوصا لعدم توجّه الزائر بالكلمة لعموم الحاضرين، ولعدم تمكينهم من امتيازات وحلول عملية لفائدة المنطقة. وأشار الحضور كذلك إلى تعدّد المشاكل التي ترزح تحت عبئها الجهة وإلى أنّ دار الشباب لا تُعَدُّ البديل ولا تقدم حلاً يُذكَر لمشاكل التنمية والتشغيل وأن دورها يقتصر على التثقيف والتوعية.
أهمّ المحطات في تاريخ دار الشباب
ظلَّت دار الشباب بحيّ التضامن مُهمَلة ردحا من الزمن قبل وبعد الثورة. وتعرّضت للحرق في أكثر من مناسبة. وقد تعهّدت السُلط المحلية بكشف ومحاسبة الجناة، وهو ما لم تفِ به.
كانت دار الشباب كانت رافدا ثقافيا بالجهة وفضاءً للأفراد الباحثين عن النشاط والتكوين، وللجماعات (على غرار الجمعيات والكشافةّ). إلّا أنّ الاعتداءات المتكرّرة أحالتها على الغلق والإهمال، لتُصبح مرتَعًا للفساد ووكرا لترويج واستهلاك المخدرات وشرب الخمر، إلى أن تقرّر تهيئتها وإعادة بناءها بالكامل، لأن عملية الإحراق المتكررة أتت على أسس البناية ولم من خيار سوى هدمها وإعادة بناءها من جديد.
انطلقت الأشغال منذ قرابة العام بوتيرة متذبذبة، وشهدت تقطّعا عدة مرات لأسباب إدارية ومالية وأخرى سياسية. ثمّ أصبح سير الأشغال حثيثا مع اقتراب الموعد المحدّد للافتتاح وإعلان حضور رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لتدشينها.
اتّخذت دارالشباب حُلّة جديدة و صارت تُسمّى “المُركّب الشبابي بحيّ التضامن”. وقد تمّ بناءها على نحو يضمن تعدد المناشط والاختصاصات بأياد محلية، وبالشراكة مع المجتمع المدني المحلي، خاصة الشباب الذي سبق له أن اجتمع مع وزيرة الشباب والرياضة لمدّها بأفكاره وتصوراته. واشتملت دار الشباب الوليدة على قاعة متعددة الإختصاصات، غرفة راديو واب، أستوديو تصوير، قاعة إعلامية وغيرها. كما تمّ تعزيزها بمعدّات حديثة ومتطورة.
انتقادات وتساؤلات الشباب
عقب الزيارة، أعربت مكونات المجتمع المدني عن فرحها واستبشارها بالمولود الجديد. لكنّها لم تخفِ قلقها من سيطرة الأحزاب السياسية على نشاط دار الشباب، خاصة بعد ظهور الأخيرة على الساحة يوم الإفتتاح، وتخوفّها من تكرار مسلسل سرقة وحرق دار الشباب. من جهة أخرى، استنكر الشباب الناشط في المجتمع المدني بالتضامن غياب الشفافية في اختيار ممثّلي شباب الحيّ. خاصّة وأنّ غالبية الشبان والشابات الذين التقوا الرئيس ينتمون للأحزاب السياسية وينشطون ضمنها، على غرار حركة النهضة ونداء تونس. كما انتقدوا التعميم على عمليّة الاختيار، وذلك على عكس ما صرّحت به وزيرة الشباب والرياضة ماجدولين الشارني عن “وجود معايير للاختيار وفتح مناظرة لاختيار الشباب “، الذين خصّتهم السلط بالتكوين والإعداد في وقتها.
يحيلنا ما سبق ذكره على التساؤل عن مستقبل المركّب الشبابي بحيّ التضامن : ما هو برنامجه وما أهدافه؟ هل سينجح في استقطاب شباب المنطقة؟ أيُّ دور سيلعبه في الجهة وأيّ خدمة سيقدّمها لروّاده؟ هل سيحافظ على حياده واستقلاليته؟ وهل ستكون هنالك حماية جدّية لهذه المنشأة ولروّادها؟