رأيْ | أيّ أفق ممكن للحركات “الشبابية” ؟

15/01/2018
Jeunes Manich Msameh

من تحرّكات حملة مانيش مسامح السابقة في نابل

لفريڨي ولد الباهية*
مهندس معماري
مناضل ماركسي لينيني
ناشط حقوقي بمنظمة العفو الدولية
—-

ليست الحركات “الشبابية” ظاهرة جديدة في المجتمعات السياسية. حيث أن حلقات مثل “الشباب الهيجلي” أو “الدساترة الجدد” أو “برسباكتيف” أو “شباب ماي 68” يمكن إدراجها في خانة الحركات “الشبابية” التي عادة ما تأتي في شكل رفض للمنظومة القائمة أساسا داخل السلطة، و لكنه رفض مرفوق بتباين مع الشكل الذي تتخذه منظومة المعارضة المعاصرة لها.

و تصنف هذه الحركات كشبابية لا لأنّها مكونة بصفة مطلقة من “شباب” بالمفهوم الجيلي للكلمة، و لا بالضرورة لان من يقودها شباب بل لأنها على مستوى الفعل و رد الفعل و الاداء تنتهج أساليب و أفكار فتية !
الأفكار الفتية و المتجددة عنصر ايجابي داخل أي حركة، و يعتبر غيابها أو ضعفها نقيصة فادحة داخل التنظيمات التقليدية، و لكن وجودها لا يحمي على الإطلاق الحركات الشبابية، خاصة عندما تكون غير مكتملة التنظيم و الهيكلة، من خطر الوقوع في فخ التناقضات الزائفة او الثانوية كالتناقض “العمري/الجيلي”. بل هي كثيرا ما تكون بشكل شبه آلي عرضة لمثل هذه الإنحرافات الفكرية في فهمها و تحليلها للمحيط الذي تتطور داخله، و هذا نظرا لإختلاط تركيبتها المنفتحة على كل الروافد و الطاقات من جهة و رغبتها الملحة في التباين المفرط مع كل ما وجد و ما هو موجود من جهة اخرى. هذا دون إعتبار سطوة كل الاطروحات التي أنتجها الفكر السياسي الحديث و المابعد حديث، كنهاية التاريخ و صراع الحضارات و صراع الاجيال، في محاولة منه لقطع الطريق أمام كل نقلة نوعية تاريخية ممكنة، و التي لا يمكن أن ترتكز إلا على صراع الطبقات.
blank
من تحرّكات حملة مانيش مسامح السابقة في نابل

و عليه، فإن الحركات الشبابية التي برزت في تونس من “سيب صالح” أيام الحكم البنعليني إلى “فاش نستناو” في زمن “المابعد بنعليني” مرورا ب “مانيش مسامح” و “الرخ لا” و غيرها، على صدقها و نضاليتها و نجاعتها في محطات جزئية لا يمكنها التقدم نحو أشكال أكثر فاعلية و علمية، دون أن تتموقع طبقيا إنطلاقا من فهم شامل للتناقض الإقتصادي أساسا، ثم التناقض الأديولوجي، ثم التناقض السياسي، لبناء معاقل المواجهة و الإنطلاق و التراجع الطبقية داخل الصراع الطبقي و مراكمة الإنغراس و الإستقطاب والتعبئة بشكل علمي عبر جهاز محكم الإرتباطات و ممركز ومرن يراكم كميا بهوية طبقية واضحة الإنتصارات و الهزائم نحو النقلة النوعية عوض الركض على بساط دوّار يُلزمها مكانها و ينهكها بإستمرار.

قد يتسرع البعض في إعتبار قرائتي لظاهرة الحركات “الشبابية” ضربا من ضروب الفكر القديم الذاهب لامحالة إلى الزوال ! و لكن كم من “عجلاني” و “زفزافي” و “يفرني” أخر يجب أن يستشهد ويُنسى كأنه لم يكن في دوامة التحمّس والركود المزمنة والدورية و المستنزفة للنفس النضالي الجماعي و الجماهيري، كي نفهم أن بناء الجديد يتطلب رسم حدود الأرض و وضع الأسس الصلبة والدعائم الدائمة ؟

مقالات ذات صلة

  • افتتاحية | 2024: سنة احتضار السياسة

    اعتدنا الكتابة والتّعليق على مستجدّات السّياسة في معناها العام والواسع. ومع انتهاء هذا العام، نجد أنفسنا نكتب عن غيابها أو…

    افتتاحيّة

    blank
  • فيديو | إحياءً لمئوية وفاة لينين: الوطد الاشتراكي ينظم ندوة أممية

    نظم الحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي يومي 16 و17 نوفمبر ندوة أممية في مسرح الحمراء بتونس العاصمة، إحياءً للذكرى المئوية لوفاة…

    الأخبار

    blank
  • تحراك تضامني أمام محكمة القيروان لدعم عمّال مصنع ‘ريتون’ الموقوفين

    تحيين: تم رفض مطالب الافراج عن الموقوفين. تجمّع اليوم الخميس عدد من النقابيين والمواطنين/ات أمام المحكمة الابتدائية بالقيروان، لدعم عمّال…

    الأخبار

    blank
  • افتتاحية | ما بعد الانتخابات الرئاسية: تونس إلى أين؟

    انتهت إذن الانتخابات الرئاسية بنتائج لم تكن مفاجأة لأغلب المتابعين. إذ كانت حدثًا فاترًا غاب عنه التشويق والتنافس الساخن بحكم…

    افتتاحيّة

    blank