خاصّ – تونس – بدائل
عبير قاسمي
تُثبتُ الشعوب في فترات الثورات والاضطرابات الاقتصادية والسياسية قدرتهـا اللاّمُتوقعّـة على خلق طرقٍ مبتكرة للتعبير عن الذات. طُرق مَرِحــةٌ ساخرة، وسطَ ظِلالٍ كثيفةْ من اليأسِ والخيباتِ وعدم الإستقرارِ الإجتماعيّ.
ميلادُ السخرية يعنِـي بداية التكيّـف مع مفهُـوم النقد، وإخراجهِ من إطارهِ الكلاسيكيّ الضّيق إلى إطار أكثر مرُونـةً وقُـربًا من عامّة الشعب. وما يميّز هذهِ “السخرية” الحديثة أنها سُخرية موجّهة سياسيّاً، في زمنٍ أكثر حريّة. هي إذن ” أقوى أسلحة الرجل” كما يقول شاول ألينسكي؛ “من المستحيل مواجهتها، فهي تثير حنق وغضب الخصم، بما يصبّ لصالحك في النهاية”.
مع مُرورِ سنواتٍ على اندلاع الثورةِ التونسيّـة، لم تَـعُـد قاعدةً ثابتة أن يـكون فِعل الاحتجاج فعلاً صاخِبًا، وبدأتْ فُـكاهـةُ الشّعبِ وسماتـهُ المرِحة تتــنزّلُ في مُـعجـمِ المُـحتـجّ وتجد طريقها وسط طُرق التظاهر. بل وبدأت في التـحـوّلُ من مجرد اقتباسات ساخرة في اللافتات التي يرفعها المُتظاهرون إلى مواجهةٍ لقمع البوليس بأزياءِ المهرّجين مع ظهورِ Brigade of Tunisian Activist Clowns (ما عُرف بالنشطاء المُهرّجين) خلال مسيراتِ حملة “فاش نستناوّ” المُـطالبة بإسقاط قانون الماليّـة. إذ صار هذا الأسلوب شكلاً إحتجاجـيًّا قائمًا بذاتــه.
وفــي حركـةٍ إحتجاجيّـة ساخرة جديدة، تمّ يوم الثلاثاء المنقضي افتتاحُ المدينة الرياضية بمنطقة “حقونة” بطريق “السلطنيّة” من ولاية صفاقس.
إفتتـاحٌ لمـشروعٍ تقدّم بهِ الرئيس المخلوع زين العابدين بن علـي ومرّتْ بـِه ثمان حكوماتٍ، تحوّل خلالهـا من مشروعٍ تنمويّ لصالحِ الجهة إلى ورقةٍ رابحة في خطاباتِ الزّائرينَ والوعودِ الإنتخابيـّة. إذ لـم تبدأ أشغالـهُ بعد، بعد أن حُددّت الميزانيّـة وٱتخذت إجراءاتُ التسوية العقاريّـة وضبطُ موقِـع المشروع.
“قُـمنا بتهيـئة الميدانِ باستعمال الطباشير والصور. مادام الدولة مابداتش الأشغال بديناها نحن”. هكذا صرّح أحمد الشرفي، رئيسُ جمعية صفاقس المزيانة، التي نظمّـت هذه الحركة احتجاجًا على تأخّر انطلاق أشغال مدينة صفاقس الرياضيّـة.
وأكّد أحمد الشرفي لـ موقع إنحياز ، أنّ مواطني الجهة ملّـوا “مماطلة السلطات”. وأنّ نشطاء الجمعيّـة قاموا بتهيئة الأرض المفترضة لموقع المشروع بطريقةٍ طريفةٍ تتمثّـلُ في: صور معلّقة على أغصان الزيتون، وخطوطٍ بالطبشور على أرضها تمثّل حدود الملاعب المُزمع انجازها، و افتتاح وهميٌّ عبر قطعِ الشريط الأحمر، وسط تصفيقٍ من الحاضرين.
وتابع أحمد كلامـهُ لـ إنحياز : “بالنّسبةِ للمظاهرات السّاخرة كفكرة، أتصوّر أنّ لها قدرة على الاستفزاز وإبلاغ الاحتجاج بطريقة أبلغ من أنواع أخرى من التّظاهر… هي تستفزّ البقيّة الباقية من ضمير السّيّد المسؤول ”
تسجيل صوتي لأحمد الشرفي رئيس جمعية صفاقس المزيانة: