ترجمة | ماذا وقَعَ فعلاً في فنزويلا؟

ترجمة – خاصّ بانحياز – مروة الشريف


نُشر المقال الأصلي في موقع “التقدّمي” The progressive  الأمريكي بتاريخ 2 أكتوبر 2017، بقلم ريز إيرليش.


المحتجّون المعارضون أقاموا حواجز مشتعلة على الطرقات خلال شهر ماي.

تعيش كارميليندا فاليرا وزوجها في ضيعة صغيرة تتوسط هضبة شديدة الانحدار وتُطلُّ على العاصمة الفنزويلية كراكاس. كان مشهدًا صباحيًا خلّابا يوحي إليك بعناق الضباب مع الضيعة، حين كانت فاليرا تجول بي على أماكن زراعة الموز والقهوة وزراعات أخرى مُخصّصة للاستهلاك العائلي.

أثرّت الأزمة الاقتصادية الفنزويلية على هذيْن الزوج شديد التأثير. إذ لم يستطيعا إيجاد الإسمنت اللازم لبناء غرفة إضافية لمنزلهما الخشبي المتكوّن أساسا من غرفتيْ نوم، كما أنّ دخلهما من الضيعة بالكاد يكفي حاجياتهما الأساسيّة، ولذا تشتغل فاليرا أيضا كعاملة نظافة بمدرسة.

 

صدحت فاليرا، وهي تنفض الغبار من العربة اليدوية الصغيرة (بُرويطة): ” في بعض الأشهر لا نجني من الضيعة مليما واحدا”. ورغم الصعوبات التي تواجهها وعائلتها ما تزال فاليرا – مثل الكثير من سكّان المناطق الريفيّة الفقيرة – داعمةً وفيّة لحكومة الرئيس نيكولاس مادورو الاشتراكيّة. إذ تعتبر أنّ هذه الحكومة خفّضت في نسبة الفقر. وأعربت لنا أيضا أنّها، وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية الخانقة، لا تثق في قدرة أحزاب المعارضة على حلّ مشاكل البلاد.

لا يُشاطرها الرأي كثير من الفنزويليين. منذ أفريل المُنقضي، خرجَت أعداد كبيرة من الناس إلى الشارع في مظاهرات معارضة للحكومة. فعلاوة على أسعار الغذاء المرتفعة هناك نقص كبير في التزويد: من الدّواء إلى أوراق المرحاض، يصعُب الحصول على كل شيء في هذه الآونة. تقول المُعارَضة أنّ معدّل التضخم قد بلغ 176% خلال الفترة الأولى من السنة (2017).  ومع تصاعد الاحتجاجات ضد الحكومة وتفاقم الأزمة الاقتصاديّة اتخذّت الأخيرة إجراءات خارقة للعادة للحفاظ على سلطتها.

 

تدّعي المعارضة الفنزويلية وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنّ فنزويلا تحوّلت إلى دولة يسارية ديكتاتوريّة وجَب إسقاطها. ولمّح مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية مايك بومبو في جويلية الماضي إلى تدخل الوكالة في فنزويلا. كما هدّد ترامب بتدخل عسكري، مٌصرّحا خلال مؤتمر صحفي في شهر أوت المنقضي: “فيما يتعلّق بفنزويلا لدينا عديد الخيارات المٌتاحة، من ضمنها الخيار العسكري”. و يدعم ترامب بقوّة أحزاب المعارضة التي تساند السياسات الاقتصادية النيوليبرالية.

أثارت هذه التصريحات غضب قادة ورؤساء أمريكا اللاتينية، بما فيهم حلفاء الولايات المتحدة، وقد ندّدوا جميعا بأيّ خطط عسكرية محتملة للتدخل في فنزويلا. ووجدت المعارضة القريبة من الإدارة الأمريكية نفسها مُحرجة وفي وضعية لا تُحسد عليها بعد هذه التصريحات.

يسعى ترامب إلى تصوير الوضعية الفنزويلية كمعركة بين الديمقراطيّة والديكتاتوريّة، ولكنّ الواقع أشدّ تعقيدا بكثير.

تعود جذور الأزمة الحالية إلى سنوات خلَت. فمنذ ثلاثينيات القرن الماضي، عهد سيطرة شركة عائلة روكفيلير النفطية على البلاد، تحوّلت فنيزويلا  إلى اقتصاد المحصول الواحد. إذ كانت تنتج النفط وتصدّره، ثمّ تستخدم العائدات في استيراد الغذاء والأدوية وكل شيء تقريبا.

اُنتخب هيوغو تشافيز رئيسا للبلاد سنة 1998. وقد حققت فنزويلا في عهده تقدّما في الفلاحة وفي الصناعات المحليّة. وذلك قبل أن يفارق تشافيز الحياة سنة 2013، بعد معاناة مع مرض السرطان، ليصعد رفيقه نيكولاس مادورو إلى السلطة إثر فوزه في الانتخابات الرئاسيّة. تزامن هذا الانتقال مع انخفاض في أسعار النفط العالمية سنة 2015، ممّا أدّى إلى مشاكل اقتصادية جديّة: شهدت احتياطات العملة الأجنبية انخفاضا حادّا مرافقا لانهيارٍ في قيمة العملة النقدية الوطنية: البوليفار.

قامت الحكومة بوضع أسعار صرف متعدّدة بين عملتيْ البوليفار والدولار الأمريكي. وذلك في محاولة منها لإعطاء الأولوية لتوريد المواد الأساسية. فيقع -على سبيل المثال- استيراد الآلات الطبية بسعر صرف أفضل من سعر الصرف المُحدّد لاستيراد السيارات الفاخرة. لكنّ الشركات اكتشفت سريعا طريقة لتزوير الوثائق الإدارية المطلوبة مُدعيّة بأنّها بصدد استيراد حاجة أساسية وهي في الحقيقة لا تسعى إلاّ إلى جمع الدولارات من الحكومة حتى تُعيد صرفها في السوق.

زادت الأزمة الاقتصادية من انتشار الفساد في صفوف موظفي الدولة والعسكريّين، فاستعانوا بالتجارة في السوق السوداء والمُضاربة على العُملات لتعبئة جيوبهم.

حتى كتابة هذه الأسطر يبلغ السعر الرسمي لصرف الدولار الواحد 9.100 بوليفار فنزويلي لاستيراد السلع غير الأساسيّة. بينما يصل سعر الصرف في السوق السوداء إلى حدود 17.560 بوليفار فنزويلي للدولار الواحد. بالتّالي ومن خلال التلاعب بسعر العُملة يُحقق الرأسمالي عديم الضمير ربحا خياليا يُقدَّر ب 90%، بينما يُعاني الشعب من نقص كبير في المُعدّات الطبية، بما يُفاقم في الأزمة الاجتماعيّة.

“ارتكبت الحكومة العديد من الأخطاء”، هكذا اعترف لي السيد رودولفو بيريز، وزير التعليم الأسبق في حكومة مادورو، في إحدى مقاهي كاراكاس. “كان علينا استثمار عائدتنا النفطية في دعم الاقتصاد المحلي. كُنّا قادرين على إنتاج أكبر للمواد الغذائية والصحّية ومواد التنظيف، كان من شأن هذه السياسة تعزيز العملة الوطنية وتقليل الحاجة للاستيراد”.

شكلّت أحزاب معارضة من أطياف مختلفة (من المسيحيّين المُحافظين إلى الديمقراطيين الاجتماعيين) حلفًا سياسيا يُدعى “المائدة المُستديرة للوحدة الديمقراطية”، مدعوم أساسًا من أبناء الطبقتيْن المتوسطة والغنية. وقد حشد هذا التحالف، خلال الربيع الماضي، عشرات الآلاف لغلق الشوارع الرئيسية وقطع الطرقات السريعة و”شلّ” الحياة بالمدن الكبرى. علنًا، دعا قادة المعارضة إلى الاحتجاج والتظاهر السِلْميّان. لكن على أرض الواقع انطلقت، ومنذ اللحظة الأولى، أعمال العنف؛ إذ قذف المتظاهرون الشرطة والحرس القومي بالحجارة والزجاجات الحارقة.    

خلال الأسبوع الأوّل من أفريل/ نيسان 2017، قام مثيرو الشغب الموالون للمعارضة بنهب وحرق المكاتب الإدارية التابعة للمحكمة العُليا. ومع تزايد عُنف الاحتجاجات، هاجم المعارضون الشرطة بمقذوفات ناريّة مصنوعة يدويًا ومواد متفجرة.

ردّت الحكومة على المُعارضة بقوّة، مُستعملة في ذلك وسائل قانونية وأخرى غير قانونية. إذ أطلقت الشرطة العيارات المطاطية والغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، كما هاجم متظاهرون موالون للسلطة مقرات وأحياء تابعة للمعارضة متسبّبين في مقتل العشرات. لقيَ أكثر من 100 شخص حتفهم نتيجة للمواجهات بين الحكومة والمعارضة، وسُجّلت اصابة المئات من الجرحى.

وبإمكاننا اليوم القول بأنّ المُعارضة قد نجحت فيما سعت إليه من خلق حالة ضبابيّة بين الاتهامات والاتهامات المُضادة: إذ تتهم المُعارضة الحكومة بالقمع وتتهم الحكومة المعارضة بالعنف.

التقيت انريكي كابريلس، أحد أبرز قادة المعارض، في مكتب حزبي محلّي ببناية مُهملة لا يعمل مصعدها، ممّا اضطرني لصعود أربعة طوابق على قدمايْ. وجدتُ السيد كابريلس في استقبالي واقفًا أمام شاشة تحمل شعار حزبه وخُصّصت للقاءات التلفزيونية. عبّر لي عن توقعاته بسقوط الحكومة قريبا، موضحًا: ” نحن ندافع عن دستورنا وعن وطننا”، ليردف قائلاً: “نعيش الآن ولأوّل مرّة عاصفة مثالية لم تقَع من قبل”.

في الأعلى: انريكي كابريلس القيادي المعارض. / في الأسفل: كارميليندا فاليرا، المزارعة الصغيرة التي تساند مادورو.

في الحقيقة، تعترف هذه المعارضة بالديمقراطية فقط حين توصل قادتها إلى السلطة. فبعض قادتها المُحرضين على غلق الطرق السريعة الآن كانوا من الدّاعمين للانقلاب العسكري الفاشل على الرئيس المنتخب هوغو تشافيز سنة 2002. كما يتحدث داعموها عن استعدادهم لاتخاذ نفس الموقف اليوم. وقد كتب هيوغو بريتو، أحد الناشطين المعارضين، في جريدة النيويورك تايمز أنّه في حال رفضت الحكومة الحوار معهم “يمكن أن يمثّل التدخل العسكري خيارا بديلا من أجل ارساء حكومة وحدة وطنية”.

ينتقد قادة المعارضة بشدّة خيارات مادورو الاقتصادية الاّ أنّ بدائلهم تبدو مألوفة: “نحن في حاجة إلى الاستثمار الأجنبي، العمومي والخاصّ ومتعدّد الجنسيات”. هكذا صرّح لنا فريدي جيفارا من مكتبه الفاخر، الذي يشغله بصفته نائبًا لرئيس مجلس النواب الفنزويلي. فمقابل اعترافه بصعوبة تعافي الاقتصاد الفنزويلي، أكّد على ضرورة طلب المساعدة الخارجية. يبلغ فريدي جيفارا 31 سنة وهو أصغر شخص تقلّد منصبا بهذه الأهمية في فنزويلا وأصبح من أبرز وجوه المعارضة. كما يعمل بطريقة غير رسمية مع اقتصاديين من جامعة هارفرد على إعداد برنامج لتحويل الاقتصاد الفنزويلي إلى اقتصاد رأسمالي بعد إسقاط الحكومة الاشتراكية.

وقد تحدّث ريكاردو هوسمان، وهو أستاذ بجماعة هارفرد ووزير تخطيط في الحكومة السابقة لتولّي تشافيز، في مقال تحليلي عن “حاجة” فنزويلا لدعم دولي مشابه للدعم الذي قُدّم لليونان ولأوكرانيا. إذ كتب أنّه على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومختلف المؤسسات المالية الدولية تمكين فنزويلا من قروض كبيرة. ويُنظّر قادة المعارضة لحاجة الدولة لخصخصة المؤسسات العموميّة وتقليص حجم الدولة. أمّا في الجهة المقابلة، فيرى لويس سالاس، وزير الاقتصاد السابق في حكومة مادورو، أنّ إجراءات كالخصخصة والاعتماد على البنوك الأجنبية قد تسّببت خلال التسعينات في أزمة اقتصادية خانقة، أدّت إلى انتخاب الاشتراكي هوغو تشافيز. إذ لم تؤدِّ تلك الحقبة، حسب رأيه، إلا إلى ارتفاع معدلات الفقر ونسب التضخم.

تراجعت في السنوات الأخيرة شعبية حكومة مادورو مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، فاتجه الأخير إلى اتخاذ إجراءات غير دستورية للحفاظ على حكمه. إذ أجّل انتخابات الوُلّاة المُفترض إجراءها السنة الفارطة. وأصدرت المحكمة الفنزويلية العليا (القريبة من حكومة مادورو) في أواخر مارس الفارط حُكمًا يسمحُ بإمكانية إمضاء عقد دولي بين شركات النفط الفنزويليّة والروسيّة؛ علمًا وأنّ قرارات كهذه كانت من اختصاص مجلس الشعب، ذي الأغلبية اليمينيّة المعارضة اليوم. سارع مادورو إلى عكس قرار المحكمة، إلاّ أنّ المُعارضة اتّهمت الحكومة بتفويض السلطة كاملةً إلى الفرعيْن التنفيذي والقضائي.

وفي محاولة أخيرة منه، دعا مادورو في غرّة ماي الفارط إلى إجراء انتخابات مجلس تأسيسي لكتابة دستور جديد للبلاد، بما يعني إجراء استفتاء شعبي. ردّت المعارضة في 17 من جويلية بتنظيم استفتاء غير رسمي، ادّعت خلاله بتصويت سبعة ملايين شخص ضد إعادة كتابة الدستور. ولم تحضر أي جهة مستقلة عمليتيّْ عَدّ وفرز الأصوات، فلا نعرف إن كان هناك مثلاً من صوّت مرتين أو إن تمّ حشو الصناديق بالأوراق. في نهاية شهر جويلية قامت الحكومة بإجراء استفتاء رسمي قاطعته المعارضة. ما يعني ضرورة أنّ جُلّ المشاركين كانوا بطريقة أو أخرى من أنصار الحكومة. أعلنت الأخيرة أنّ 8.1    مليون شخص شاركوا في الاستفتاء، إلّا أنّ الشركة البريطانية المزوّدة بآلات التصويت قالت لاحقا أنّ الحكومة قد ضخمّت في عدد المشاركين بما لا يقلّ عن مليون صوت. أمّا المعارضة فقد صرّحت مرارا بأنّها انتخابات مزوّرة ومحاولة يائسة من مادورو للحفاظ على حكمه وردّ داعمو مادورو بأنّها مبادرة سياسية ديمقراطية لحلّ الصراع العنيف.

أصبح المجلس التأسيسي الآن السلطة التشريعية في البلاد وله الحق في إلغاء أي مؤسسة بما في ذلك مؤسسة الرئاسة. وبعيدا عن مدى شرعيّة المجلس، فإنّ الدعم الشعبي لإجراء انتخابات وتصريحات ترامب العدائية تجاه فنزويلا قد ساهما في تراجع الزخم السياسي للمعارضة فتخلى بعض قادة المعارضة عن الاحتجاج في الشوارع ليترشّحوا لانتخابات الوُلاّة والمشرّعين، (تـ: يُفترض أنّها جرَت في أكتوبر الماضي). وقد قرّر المجلس التأسيسي  إجراء الانتخابات الرئاسيّة للسنة المقبلة (تـ: أيْ 2018).

تعارض الولايات المتحدة، بحزبيها الديمقراطي والجمهوري، السياسات الاشتراكية لفنزويلا كما أنّها لا تخفي دعمها التام للمعارضة. هدفهم المشترك إزاحة مادورو عن الحكم، وهو الذي تحالف مع حكومات اليسار في كلّ من بوليفيا وكوبا والإكوادور لصدّ الهيمنة الأمريكية على المنطقة. وقد أمّمت فنزويلا عديد الشركات الأمريكية والأوروبية بها.

في مارس 2015، وقّع باراك أوباما على أمر تنفيذي يعتبر فيه فنزويلا ” تهديدًا استثنائيًا وخارقًا للعادة للأمن القومي وللسياسة الخارجية للولايات المتّحدة”. أمّا ترامب، فقد أبرز، بُعيد أيّام من استلامه الرئاسة، دعمه للمعارضة من خلال لقاء ليليان تينتوري، زوجة معارض فنزولي “كبير” قابع في سجون بلاده من أجل تنظيم مظاهرات عنيفة سنة 2014. ثمّ فرَض ترامب في شهر مايْ الماضي عقوبات على المحكمة العليا لفنزويلا، وذلك لأحكامها “الموالية” لحكم مادورو، مفنّدًا الزعم التقليدي بأنّ العقوبات تستهدف الأنشطة الإجراميّة.

زادت الولايات المتحدة كذلك في ضغطها السياسي عبر دفعها منظمة الدول الأمريكية للعمل ضد فنزويلا، كما شدّدت العقوبات المفروضة عليها اثر انتخاب المجلس الوطني التأسيسي. ومن مفارقات السياسات الأمريكية العجيبة إدانة سياسيّيها ووكالات تجسّسها للتدخّل الروسي في انتخاباتها، وهي التي لا تدّخر جهدًا للتدخل الفَجّ في شؤون فنزويلا.

تسعى المعارضة الفنزويلية إلى كسب القوات المسلحة من شرطة وحرس إلى جانبها، فولائها أمر في غاية الأهمّية. يعتقد وزير التعليم الأسبق بيريز بأنّ اليسار الفنزويلي الحاكم ما زال يحظى بدعم قوي من القوات المسلّحة. إلّا أنّه لا يخفي قلقه من إمكانية تغيّر الصورة، وانقلاب ولاء بعض القادة العسكريّين، خاصّة إذا تدخلت الولايات المتحدّة في الأمر، مذكّرا بدعمها للانقلاب العسكري ضد حكومة سلفادور آليندي الاشتراكية المنتخبة سنة 1970 في تشيلي. ” يُخيّم خطر النموذج الشيلي على فنزويلا.”

 

 

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *