أضرب عمال معمل الجلود والأحذية، الذي تملكه شركة ’ريتون’ السويسرية-الألمانية، في منطقة المتبسطة بولاية القيروان عن العمل منذ يوم 18 أكتوبر المنقضي، مُطالبين بحقوقهم المادية والمعنوية وبالحماية الصحية وإنهاء حالات الطرد التعسفي.
تأسست الشركة المذكورة بجنوب ألمانيا سنة 1874، وفي بداية السبعينيات من القرن الماضي أُنشئ المقر الجديد في سويسرا، وابتعد الإنتاج عن أوروبا. تقع منشآت الإنتاج الخاصة بالشركة في الوقت الحالي في المغرب وسلوفاكيا وفيتنام وتونس.
غياب الحماية الصحية
يقول عمال الجلود والأحذية أنّهم يفتقرون إلى أبسط مقومات الصحة الأساسية داخل المعمل، وهو ما يجعلهم عرضة للمواد الخطرة (مثل الغيراء المُستعملة) وللحروق على مستوى اليدين، نتيجة الحرارة المُرتفعة للماكينات القديمة في ظلّ غياب التجهيزات اللازمة.
تتضاعف معاناة العمال في فصل الصيف، حين يُطالبهم صاحب المعمل بإنتاج إضافي، في مكان لا يحتوي حتى على أجهزة للتكييف.
سوء المُعاملة
في لقاء هاتفي أجراه موقع انحياز مع أنور، أحد العملة المُضربين، يخبرنا:
« في أحد الأيام التي اضطرينا فيها للتغيب نتيجة غلق للطريق وعدم ولوج الحافلات لطريق المعمل، وهي الوسيلة الوحيدة للقادمين من مناطق مختلفة مثل دلوسي وعلم وسبيخة، أُجبرنا في اليوم الموالي، إثر توضيحنا لموقفنا لدى الإدارة، على العمل يوم السبت مع اقتطاعه واقتطاع اليوم الذي تغّيبنا فيه. حينها قال لنا سامي، مدير المعمل: ما يهمنيش فيكم، تجوا حتى على بغل”.
ويؤكد محدثنا أن العمل يتم بشكل دائم تحت وابل من الشتم والسبّ من قبل المسؤولين عن العملة، دون احترام سنّ العمال وكرامتهم.
الإضراب عن العمل
ويضيف أنور أنّ العمال قرّروا الإضراب منذ 18 أكتوبر المنقضي احتجاجًا على هذه الظروف المهينة. ورغم أنّ البعض ظلّ يعمل نتيجة الترهيب والخوف من الطرد التعسفي، إلا أن الإضراب كان ناجحا وأخذ صداه في المنطقة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. ورغم ذلك لم يبادر المسؤولون المحلّيون والجهويّون إلى التدخل لحلّ المشكل.
وقد عبّر المُضربون عن مطالب واضحة تتمثل في: الحماية الصحية أساسا وقبل كل شيء؛ في التحسين من الأجور إذ يتقاضى العمّال 600 د شهريا، مع إمكانية كبيرة للاقتطاع منها نتيجة التغيب ليوم أو ليومين؛ احترام حقوقهم المعنوية والعمل ضمن ظروف تحترم الكرامة البشرية للعمال.
ما الذي حدث إثر إعلان الإضراب؟
تدخّل الوالي بعد عشرة أيام كاملة من الإضراب محاولا إقناع العمال باستئناف نشاطهم، ومطمئنا إياهم بعدم اقتصاص أيام الإضراب من أجورهم وتحقيق مطالبهم في غضون فترة زمنية وجيزة.
إلّا أنّ أنور يوضح : “لقد حدث العكس تماما، إذ أنّ الاقتطاع قد حصل بالفعل، والأدهى هو طرد 28 عاملا، منهم مرسّمين منذ 20 عاما، وعندما توجهنا للوالي أجابنا بعدم قدرته على فعل شيئ وأنه سيمكّنهم من مواطن شغل أخرى. لذلك عدنا إلى الإضراب”.
في المُقابل، صعّدت شركة ’ريتون’ ضد العمال مستعملة أسلوب التهديد والوعيد. إذ أعلمتهم بإغلاق أبواب المؤسسة لفترة أخرى، مع إمكانية غلقها نهائيا في حال إصرار العمال على الإضراب مجدّدًا.
يواصل العمال في هذه الأثناء إضرابهم ونضالهم ضد سلطة رأس المال، وضد صاحب المعمل، مطالبين بتحصيل حقوقهم، ومُهدَّدين في الآن ذاته بقطع موارد رزقهم وبالطرد.
في السياق ذاته، حاول موقع انحياز الاتصال بإدارة الشركة أكثر من مرة لمزيد الاستيضاح، لكنه لم يتلقّ أي ردّ منها.