انحياز – نضالات عمّالية – سيادة وطنية
متابعة شمس الدين الحمروني
صرّح طارق الشيباني، عضو النقابة الأساسية لشركة “طنكماد”، أنّ المؤشرات الحالية تدلّ على أنّ الحكومة رضخت لمطلب عمّال الشركة ونقابتهم بالسماح للمؤسّسة العموميّة ’عجيل’ بالتقدّم لشراء أسهم الخواص الذين تخلّوا عن مساهماتهم في رأس مال الشركة المذكورة أعلاه. إلّا أنّه أوضح في تصريحه أمس لموقع ’انحياز’ أنّ الحذر يظلّ واجبًا بالنظر لتاريخ هذه الحكومة، وسابقاتها، في التراجع عن تعهّداتها وما توقّعه من اتفاقات.
ويُذكَر أنّ الحكومة التونسية كانت رفضت في بادئ الأمر دعم مطلب ’عجيل’ (الشركة التونسية لتوزيع البترول) لشراء أسهم ثلاث شركات خاصة أعلنت عن نيّتها بيع حصصها في أسهم شركة طنكماد (Tankage Mediterranee) . وشرح الشيباني، أنّه لأسباب إقتصادية قرر مستثمرون خواص بيع نصيبهم في رأسمال ‘طنكماد’. و هي شركة خاصة ذات مساهمات عمومية تُقَدَّر بـ 48% تتقاسمها تناصفا الشركة الوطنية لتوزيع البترول والشركة الوطنية للأنشطة البترولية “إيتاب”. أمّا نسبة تملكّ الخواص لرأسمالها فيبلغ ما قيمته 52% وينقسم كالآتي: 20% APICORP و20% لحساب البنك التونسي السعودي و12% للبنك التونسي الكويتي.
وإثر قرارهم بيع أسهُمهم في رأسمال شركة طنكماد، تقدمت خمس شركات تونسيّة بمطلب لشراء هذه الأسهم، نخصّ منها بالذكر ’عجيل’، التي بادرت إلى ذلك بعد اجتماع مجلس إدارتها، الذي يضمّ ممثّلين عن الدولة التونسية وافقوا على ذلك. وبما أنّ هذه الأخيرة مشاركة في رأسمال ’طنكماد’، يحق لها التمتّع بحق “الشٌفٌعة” (قانون ينص على أحقية الشريك في شراء نصيب شريكه فيما هو قابل للقسمة حتى لا يلحق الشريك ضرر). ورغم موافقة ممثّلي الدولة (وزيريْ المالية والطاقة) إلا أن رئاسة الحكومة التونسية بصفة ممثليها تراجعت فجأة عن دعم مطلب ’عجيل’ للتمتع بحق الشفعة. وذلك بالرغم من أنّ طلب الشراء يرتكز على الموارد الذاتية للشركة الوطني. في المقابل دعمت الحكومة ملف شركة ’بير’ PIR الايطالية، وهي معروفة بالمضاربة في الأسواق المالية عن طريق الاستثمار في أسهم الشركات، الي تساهم فيها لمدة مقتضبة قبل أن تبيعها عند أوّل فرصة
وأردف الشيباني أنّ قرار الحكومة أثار حفيظة الوسط النقابي لما سينجرّ عنه من تفريط في ربح إضافي لشركة عجيل، و ما سيعود على الدولة التونسية من خسائر في الاحتياطي الطاقي (اذ ستتحكم الدولة في قرابة 80% منه إن قبلت بدعم ملف عجيل)، وما يعنيه من فقدان للسيادة على المخزون الاستراتيجي للطاقة. كما أنّ هذا القرار سيمنع ربحا إضافيا على مستوى احتياطي العملة الصعبة بما أنّ السوق الدولية تُعتبر مجالا حيويا و رئيسيا في نشاط الشركة.
ولهذه الأسباب نُظِّمت تحركات نقابية، كانت بدايتها يوم 23 أفريل بإعلان اضراب بشركة ’طنكماد’، لحق به اضراب تضامني في كامل المنطقة النفطية بالصخيرة (شركات عجيل، ترابسا، سوطرابيل) و ببنزرت (شركة ستير)، طالب فيهما عمّال قطاع النفط الحكومة بالشفافية في هذا الملف. كما طالبوها بدعم تمثيلية الدولة في المؤسسات الطاقية واعتبار ملف السيادة الطاقية محورا أساسيًا في قضية السيادة الوطنية. كما أصدر كُلٌ من الجامعة العامة للنفط والمواد الكيمياوية والمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل بيانا هدّدا فيه الحكومة من مغبّة التمادي في المحظور وأكّدا على دعمهما لكلّ النضالات المشروعة المتصدية للتفويت في السيادة الطاقية.