أيها الحانّون إلى بن علي عَبَرًا
احملوا أسماءكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، و انصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة
و اسرقوا ما شئتم من صورٍ كي تعرفوا
أنَّكم لن تعرفوا
كيف تمحق شرارة من أرضنا أوهام الطغاة
أيها الحانّون إلى بن علي عَبَرًا
منكم السيف ـ ومنا دمنا
منكم الرش والنار ـ ومنا لحمنا
منكم مدرّعة اخرى ـ ومنا عربة فاكهة
منكم قنبلة الغاز ـ ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
أما اخذتم حصتكم من دمنا ؟ فانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص
في المرسى او في قرطاج.. وانصرفوا
وعلينا، نحن، أن نسقي ورد الناشئة
وعلينا ، نحن ، ان نحيا كما نحن نشاء
أيها الحانّون إلى بن علي عَبَرًا
اذكروا نعمته عليكم
وانزعوا صورة الزعيم التي ما سترت عورتكم
فأين كنتم يوم السابع المشؤوم
أيها الباكون على بن علي عَبَرًا
كالغبار المُرّ مرّوا أينما شئتم
ولكنْ ولا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا في أرضنا ما نعملُ
و لنا قمح نربِّيه و نسقيه ندى أجسادنا
:و لنا ما ليس يرضيكم هنا
شغل… حرية… كرامة وطنية
فخذوا الماضي، إذا شئتم، إلى سوق التحفْ
وخذوا عرنسيتكم وانصرفوا
فلنا ما ليس يرضيكم: لنا المستقبلُ
أيها الحانّون إلى بن علي عَبَرًا
آن أن تنصرفوا
و آن لمن ورثوكم في الحكم
و ساروا على منوالكم، أن ينصرفوا
كدسوا اوهامكم في حفرة ، وانصرفوا
فلنا في أرضنا ما نعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الأول
ولنا الحاضر، والحاضر، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا… والآخرة
فاخرجوا من أرضنا
من برنا ..من بحرنا
مِن قمحنا .. مِن ملحنا .. مِن جرحنا
من كل شيء، واخرجوا
من مفردات الذاكرة
مقتبس من قصيدة عابرون في كلام عابر للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش