دعت، اليوم الثلاثاء، منظمات وجمعيات ناشطة في قضية الحق في المياه، الحكومة إلى السحب الفوري لمشروع قانون مجلة المياه الجديدة، “لعدم ملائمته مقتضيات واقع قضية المياه في تونس”، ولفتح باب الحوار والنقاش، مع الفاعلين في هذه القضية، من أجل صياغة مجلة المياه الجديدة بصفة تشاركية، وذلك خلال ندوة صحفيّة عُقدت، بمقرّ النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.
وبيّن حسين الرحيلي، الخبير في التنمية والموارد المائية، في مداخلته، أنّه من واجب السلطة الحالية إعادة فتح نقاش وطني حول قضية المياه في تونس، يشارك فيه الفاعلين في هذه القضيّة من جمعيات ومنظمات وطنية وفلاحيّن، من أجل رسم خطة استراتيجية وطنية تشاركية شاملة لمعالجة واقع الضغط المائي. داعيًا الدولة إلى تجاوز المفهوم الجغرافي للملك العمومي للمياه، ولتنظيم التصرّف في المياه، بـ”إعتباره مادة حياتية لا يمكن حصرها في المجال الإقتصادي وحده.” وأضاف الرحيلي، أنّ الحل يكمن في “إحداث وزارة سيادية خاصة بالمياه، بإعتبار أنّ وزارة الفلاحة تُعد من أكبر المستهلكين للمياه” وفق تعبيره.
من جانبه، انتقد علاء المرزوقي، منسق المرصد التونسي للمياه، المسار الآحادي الذي توخاه الوزير السابق إلياس حمزة، في علاقة بتنقيح فصول من مشروع القانون المتعلق بمجلة المياه قبل عرضه على مجلس الوزراء للمصادقة عليه، دون اعتبار للمسار التشاركي الذي خاضته الجمعيات والمنظمات المعنيّة بقضية حق في المياه، والتي عملت وفق المرزوقي، بصفة تشاركية طيلة العشر سنوات الأخيرة، على تنقيح ما يقارب 90 فصلاً من مشروع المجلة.
وأضاف المرزوقي، أنّ النسخة الجديدة من مشروع مجلة المياه التي لم تُنشر بصفة رسمية إلى حد الآن، “تتضمن مجموعة من الفصول الخلافيّة ذات أهمية كبرى، تشكل تهديدًا للحق في المياه” وفق تعبيره. منها ما يتعلق بخصخصة قطاع المياه، في علاقة بالفصول التي تنص على الشراكة بين القطاع العام والخاص. بالإضافة لعدم إدراج مبدأ العهدة على الملوث بإعتبار أنّ التلوث يمثل عاملاً استنزافيًا للموارد المائية إلى جانب الإستغلال. وغياب فصل يتعلق بالنفاذ إلى المعلومة في علاقة بالتحاليل المجراة على مياه الشرب، وعدم إدراج فصل يتعلق بالبصمة المائية.
كما إعتبر المرزوقي، أنّ النسخة الحالية تتضمن “فصولاً تمييزية”، في علاقة بمياه الصرف الصحي بين سكان المدينة وسكان الريف، وهو ما يتنافى مع المبادئ الحقوقية والدستور. كما طالب المرزوقي، الوزير الجديد، وكاتب الدولة المكلف بالمياه، بفتح باب الحوار مع كافة المنظمات والجمعيات الفاعلة في قضية الحق في الماء للنقاش حول الفصول الخلافيّة الواردة بمشروع المجلة الجديدة قبل المصادقة عليها، حتى تتم صياغتها بصفة تشاركية بين كافة الفاعلين، من أجل أنّ تكون المجلة ضامنة لاستدامة الموارد المائية، وضامنة للحق في الماء لكافة المواطنين.
وتجدر الإشارة إلى أنّ عددًا من المنظمات والجمعيات الحقوقية، أصدروا اليوم بيانًا صحفًيا تحت عنوان الحق في الماء: معركة الجميع من أجل الجميع، للمطالبة بالسحب الفوري لمشروع قانون مجلة المياه الجديد “لخطورته وعدم ملائمته مع مقتضيات قضية المياه بتونس”. كما يتضمن البيان دعوة للحكومة لفتح “نقاش فعلي وجدي يأخذ بعين الاعتبار كل المشاكل المطروحة وإلى الالتزام بالشفافية.” مطالبين بإحترام الحق في النفاذ للمعلومة والتشاركية في اتخاذ القرار، بإعتبار ان مسألة المياه هي مسألة وطنية حياتية، وفق ذات البيان.