فيديو | العمامرية/هنشير الرومان : عشرات العائلات تطالب بحقها في الأرض والدولة تمنحها للمتنفذين

18/10/2022
العمامرية هنشير الرومان مقال

نضالات اجتماعية – نضالات فلاحية – فلاحون بلا أرض – سليانة

عمل صحفي لغسان بن خليفة

نص ومونتاج فيديو لوجدي المسلمي

تعتصم مجموعة من الفلاحين بلا أرض بدُوّار العمامرية (هنشير الرومان، معتمدية بوعرادة، ولاية سليانة) منذ عدة أيام، للمطالبة بحقهم في النفاذ إلى الأرض وإحتجاجاً على صدور قرار قضائي يقضي بإعادة تحويز أحد المستفيدين من نظام بن علي، لمقسم من الأراضي الدولية بالجهة بمساحة تقدر بـ127 هكتارا، في الوقت الذي يعيش فيه أغلب أهالي المنطقة الخصاصة ولا يملكون أرضًا يفلحونها ويعتاشون منها.

وقال خليل بوهاني فلاح بلا أرض بدوار العمامرية بهنشير الرومان، في تصريحه لموقع انحياز أن “منجي المحواشي، العضو بمجلس المستشارين في عهد بن علي، قد تحصل على مقسم فلاحي تبلغ مساحته 107 هكتار مستغلاً نفوذه بصفته كاتب عام لجنة التنسيق حزب التجمّع المنحلّ بسليانة، ومقربًا من دوائر النظام” قبل انتفاضة 17 ديسمبر، وأفاد محدثنا أن “الدولة إسترجعت هذه الأرض سنة 2014 وتم وضع المقسم تحت تصرف ديوان الأراضي الدولية، لكن الديوان لم يُحسن إستغلالها على الوجه المطلوب لمدة 3 سنوات” وفق تعبيره.

مما أجبرهم على الإعتصام سنة 2019 داخل المقسم من أجل حقهم في النفاذ إلى الأرض وإستغلالها. كما أضاف : أن المصالح الجهوية لديوان الأراضي الدولية أجبرتهم على فض الإعتصام بالقوة العامة بإعتبار أن النزاع القضائي بين الدولة ومنجي المحواشي مازال قائما حول أحقية تملك المقسم.

بيان للمجتمع المدني ببوعرادة

نزاع قضائي بين المحواشي والدولة والضرر للأهالي

عقب إندلاع إنتفاضة 17 ديسمبر وفرار الرئيس المخلوع بن علي، قرّرت الدولة إسترجاع ما يقارب 679 هكتار من الأراضي الدولية بالمنطقة من التي تمّ توزيعها بشكل مشبوه على المتنفذين والمقربين من نظام السابع من نوفمبر بولاية سليانة. كما قام المكلف العام بنزاعات الدولة سنة 2012 برفع قضية ضد منجي المحواشي، بسبب حصوله على مقسم فني مساحته 107 هكتار منطقة عين قسيل ببوعرادة، على وجه الإسناد في أوت 1987.

وقد صدر حكم قضائي إبتدائي بعدم سماع الدعوى في مناسبة أول سنة 2012، قبل أن ينقض هذا القرار في الطور القضائي الإستنافي لفائدة الدولة سنة 2013، وينتزع المقسم من المحواشي ويوضع تحت تصرف ديوان الأراضي الدولية. ليفجأ الأهالي سنة 2018 بقرار محكمة التعقيب يمكّن المحواشي من الإستحواذ على الأرض مجدّدا. وفي هذا السياق طالب خالد بوهاني، فلاح بلا أرض من المعتصمين، “بإعادة فتح ملف هذه القضية لوجود “شبهات فساد” تحوم حول القاضي الطيب راشد الذي أصدر هذا الحكم” بحسب تعبيره. نظرا لورود إسمه في قائمة القضاة المعزولين بموجب المرسوم عدد 35 لسنة 2022، الذي أصدره رئيس الجمهورية قيس سعيد في 1 جوان الماضي.


قرار محكمة الإستئناف بالكاف بخصوص المقسم

ومن جهته أفاد لمين البوهاني أحد المعتصمين لإنحياز : “أنهم إلتقوا بوالي سليانة مؤخرا وأعلمهم بوجود قرار قضائي يفيد بتمليك الأرض لفائدة المحواشي واصفا هذا القرار “بالظالم” وأضاف أنه ” ليس من العدل أن يمتلك شخصا واحدا لمقسمين من الأراضي في حين تحرم 70 عائلة تعيش أغلبها ظروفاً صعبة من حقها في النفاذ إلى الأرض”. كما أكد محدثنا أن ” هذا القرار سيدفعهم إلى مواصلة الإحتجاج من أجل حقهم وحقّ أبنائهم في فلح الأرض والعيش منها والبقاء بها”.

ودعا الأهالي رئيس الجمهورية قيس سعيد، إلى رفع المظلمة عن دوار العمامرية وتمكينهم من التفاذ إلى الأرض وإستغلالها إما بتقسيمها على الفلاحين الشبان بالمنطقة، أو بتكوين شركة أهلية محلية بالمعتمدية بما يخدم المصلحة العامّة، وتجدر الإشارة إلى أن الأهالي قد توجهوا بمطالب كتابية في هذا الغرض إلى رئاسة الحكومة ووالي سليانة ووزارة أملاك الدولة ولم يتم الرد على مراسلاتهم إلى حد الٱن.

مطلب تكوين شركة أهلية إلى رئاسة الحكومة

والجدير بالذكر أن 70 عائلة من متساكني العمادة يملكون مجتمعين قرابة 40 هكتارا من الأراضي، من مجموع 679 هكتار من الأراضي الدولية بالمنطقة، يعانون من الخصاصة والفقر، ويعتاشون على الفلاحة الموسمية، كجني مادة الصنوبر الحلبي (الزڨوڨو) في موسم المولد النبوي، وهو ما دفع شباب المنطقة إلى الهروب نحو العاصمة بحثاً عن مورد للرزق.

تهديدات للنساء، تلفيق قضايا ومحاكمات

وبحسب عزيزة بوهاني، فلاحة بلا أرض من المعتصمات، فإن “إبن المدعو المنجي المحواشي، سبق وأن هدد النسوة ببندقية صيد أثناء سعيهن بالماعز داخل المقسم”. وأضافت محدثتنا أنه ” قام بمحاولة حرق جراره، وكومة من التبن داخل الأرض في محاولة منه لتلفيق تهمة كيديّة إلى الفلاحات.” وفق تعبيرها. ويذكر أن المحواشي، قد إدعّى على عدد من المعتصمين والمعتصمات بتهمة تعطيل العمل، في وقت سابق. والمنتظر أن تمثل مجموعة من المعتصمين كمتهمين، يوم 19 أكتوبر الجاري، أمام المحكمة الإبتدائية بسليانة.

إستدعاء لأحد المعتصمين للمثول أمام محكمة الإستئناف بسليانة يوم 19 أكتوبر الجاري

الحرمان من الأرض والماء وغياب أبسط مقومات العيش

“أحنا الإستقلال ما زال موصلناش، أحنا نعيشوا في حفرة تشوفنا كان الطيارة”. بهذه الكلمات وصف الشيخ السبعيني ، لمين البوهاني الحياة بدوار العمامرية، كما لاحظ فريق موقع إنحياز أثناء التنقل داخل القرية غياب أبسط مقومات العيش الكريم. بالإضافة إلى حرمان الفلاحون بلا أرض في الجهة من حقهم في النفاذ إلى الأرض لإستغلالها والعيش منها، يعاني المتساكنون من إنعدام الحد الأدنى لأساسيات الحياة. كغياب الماء الصالح للشرب، ولم يجدوا حلاً لعطشهم، سوى مياه الوادي القريب مجمعة داخل حفرة هيأها الأهالي، من أجل تسهيل عملية التزود بالماء لحيواناتهم وعائلاتهم. على الرغم من وجود مشروع لربطهم بالماء تم الإعلان عن إنطلاق أشغاله يوم 1 جوان 2020، لكنه تعطل لأسباب مجهولة.

لافتة تهيئة مشروع الماء الصالج للشرب بمدخل هنشير الرومان

كما يعاني المتساكنون من الطرقات البالية والخطيرة أثناء تنقلهم رغم نداءاتهم المستمرة إلى السلطات الجهوية، قصد التدخل لترميم وصيانة الطرقات، إلا أن ذلك لم يتحقق وأصبحوا يتجنبون التنقل ليلاً وأثناء موسم الأمطار، بسبب اهتراء الطريق تفادياً للخسائر والأضرار التي قد تلحقهم جراء رداءة الطرقات.

وللإشارة فقد حاولنا الاتصال هاتفيا بالادارة الفرعية لأملاك الدولة بسليانة أكثر من مرّة، لأخذ معلومات أكثر عن الموضوع ولم يتمّ الردّ على اتصالاتنا. كما لم نُفلح في العثور على سبيل للتواصل مع السيّد المنجي المحواشي للحصول على تعليقه، ويبقى حق الرد مكفول لكل من ورد إسمه بهذا المقال.





مقالات ذات صلة

  • تأجيل جلسة محاكمة فلاحي البحيرين بمعتمدية برقو إلى 11 ديسمبر

    قررت محكمة الاستئناف في سليانة، اليوم الأربعاء، تأجيل جلسة محاكمة فلاحي منطقة البحيرين-معتمدية برقو من ولاية سليانة إلى 11 ديسمبر…

    الأخبار

    blank
  • شركات تعليب المياه: اعتداء مزدوج على الطبيعة والبشر

    الفرق شاسع  بين تبريد الماء في إناء حديدي أو فخاري أو بلوري، وبين تبريده في قوارير البلاستيك.وإنتاج وعاء  فخاري أو…

    رأي

    شركات تعليب المياه: اعتداء مزدوج على الطبيعة والبشر
  • النّساء والعمل الفلاحيّ: انزعوا أوهامكم عن حكاياتنا

    الثالثة صباحا، مرّة أخرى. يرنّ منبّه الهاتف. عليّ الاستيقاظ للحاق بالشاحنة التي تنقل العاملات الفلاحيات إلى مشروع فلاحيّ يعود لرأس…

    بلا حياد

    blank
  • الإصلاح الزراعي: من أجل إنتاج عمومي للغذاء

    يعاني نمط الإنتاج الفلاحي التونسي السائد من تخلف واضح. أصبح هذا النشاط الاقتصادي طاردا لليد العاملة، إذ أنه يُشغّل بالكاد…

    اقتصاد سياسي

    مزارع تونسي يحمل قمحاً في موسم الحصاد (فرانس برس)