بقلم سمير الجراي
انتظر العالم منذ أيام خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله الذي ألقاه اليوم منذ بداية معركة طوفان الأقصى، وتحدث فيه عن مجريات المعركة وإمكانيات توسع الحرب وانخراط الحزب فيها بصورة أكبر إلا أن الكثير من المتابعين وخاصة من المتحمسين لدور أكبر لدول وقيادات محور المقاومة رأوا أن خطاب نصر الله لم يكن في المستوى المنتظر وبما أنه لم يعلن بشكل واضح توسيع الحرب ضد العدو الصهيوني وفتح جبهات جديدة فإن خطابه كان فاشلا! لكن الحقيقة أن تحليلنا لخطاب الزعيم الشيعي يجعلنا لا نشك في أن انخراطه في الحرب بشكل تدريجي وتوسيع الجبهة اللبنانية إلى حرب شاملة أمر سيحدث لا محالة وقريبا جدا، لكن الجميع يعرف أن الحرب تشن ولا تعلن كما يقال، فما الذي ينتظره البعض من قائد سياسي وعسكري في حرب مصيرية كهذه قد تغير معادلة المنطقة والعالم ككل، حرب يمكن أن تشمل العراق وإيران وروسيا والغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة، أكثر مما أشار إليه ووضحه بطريقة اتصالية ذكية وحاسمة، هل يمكن أن ننتظر منه مثلا أن يعلن عن موعد محدد وخطة واضحة وأنواع الأسلحة وعدد المقاومين وطرق المباغتة؟!
الكلمات المفاتيح في خطاب نصر الله
لا شك في أن قائدا وزعيما بمكانة نصر الله لدى أنصاره خاصة من التيار الشيعي وحاليا من كل داعمي المقاومة الفلسطينية، ووضعه الحالي، خاصة بعد تحول حزب الله إلى رقم مهم في المعادلة العسكرية في المنطقة في السنوات الأخيرة وباعتبار الحروب التي خاضها سابقا ضد الصهاينة لا شك في أن كلماته تكون مدروسة ومحسوبة ولكل منها رسالة وإن كانت مشفرة إلا أنه وضح بعض التوجهات المبدئية والتي تعتبر كلمات مفاتيح في خطابه وأهمها قوله: “قرار الهجوم على القواعد الأمريكية في العراق حكيم وصائب” برغم رفض الحكومة العراقية لهذا التوجه، كما قوله: “انتصار غزة اليوم يعني انتصار الشعب الفلسطيني وهو مصلحة وطنية لكل دول الجوار وخاصة لبنان”، بالإضافة إلى قوله “لن نكتفي بما يجري حاليا على الحدود مع فلسطين المحتلة، و أن “كل الخيارات مطروحة ويمكن أن نذهب إليها في أي وقت”و”أعددنا للأساطيل الأمريكية عدتها”
لم يكن نصر الله أقل وضوحا من أي داعم آخر للمقاومة عندما يقول إن السماح بهزيمة المقاومة في غزة هي هزيمة لكل محور المقاومة وستكون لها نتائج وخيمة وحذر دول الجوار من أن هذه الهزيمة ستضر بهم وأن النصر سيكون نصرا لهم أيضا. يبدو جليا هنا حث نصر الله دول الجوار التي سماها بالإسم: مصر والأردن وسوريا ولبنان على الاستعداد لتكون في مستوى اللحظة المرتقبة وأنها ستجني أي نصر مرتقب وهي رسائل واضحة لهذه الدول بأن شيئا ما مهما استعدوا له وخاصة أنه عزز ذلك بقوله لن يكون الصراع بعد هذه الحرب كما قبله، وكأنه يقول إنها معركة ستغير وضع المنطقة كليا وأن المسؤولية تحتم التركيز على انتصار المقاومة وأنه على الجميع تحمل مسؤولياتهم وهذا بالطبع لن يكون دون دعم مباشر وحرب مباشرة مع العدو الصهيوني.
قال نصر الله أيضا إنه يتكلم بكل صراحة ووضوح وغموض وهو ما يؤكد الجزء غير المعلن في كلامه المتعلق بالانخراط الكامل في الحرب لكن ذلك يبقى مرهونا بتطورات العدوان على غزة ومجريات الاجتياح البري، بمعنى أنه لن يسمح بهزيمة المقاومة وسيتدخل بأكثر فاعلية في حال تقهقرت المقاومة، أو إذا استمر العدوان لأيام أخرى بعد خطابه والعد التنازلي هنا حسب ما هو واضح يبدأ من اليوم أي بعد خطابه وتحذيراته للأمريكيين، ووضح ذلك برسالته: “لن نكتفي بما يجري حاليا، وأن “كل الخيارات مطروحة ويمكن أن نذهب إليها في أي وقت”أما عن الأمريكيين الذين خصص لهم جزءا من خطابه فقد اعتبرهم المسؤولين الحقيقيين عن جرائم الصهاينة، وأن “إسرائيل” يد الأمريكان في المنطقة وأنهم القادرون على إيقاف الحرب ويجب محاسبتهم على هذه الجرائم وهنا تأتي كلمة مفتاح أخرى وهي و”أعددنا للأساطيل الأمريكية عدتها”. وهو رد واضح على أمريكا التي تهدد كل من يريد توسيع نطاق الحرب وبرغم كل التهديدات التي تحدث عنها وأن البوارج الأمريكية جاءت خصيصا لحزب الله وإيران فإن إعداد العدة للأساطيل الأمريكية كما قال إنها لا تخيفهم فهي إشارة واضحة إلى الصدام المباشر بينه وبين الأمريكيين آت لا محالة وأنهم جاهزون لكل السيناريوهات.
إشارة أخرى تحدث عنها وهي قوله للأمريكيين أن من يريد للحرب ألا تتوسع عليه بإيقاف العدوان على غزة وهو يعرف أن العدوان حسب الخطة الصهيوني أمريكية لن يتوقف وبالتالي هو يحمل الأمريكيين مسؤولية توسيع الحرب وفتح جبهة فعلية في الشمال الفلسطيني المحتل.يبدو نصر الله متأكدا من انتصار المقاومة وبين ثنايا كلامه فخر بالانتساب لهذه الملحمة التاريخية البطولية والتي لا يريد أن يضيع مجد ونصر يراه قريبا ولا شي سيمنعه من توسيع الحرب في قادم الأيام بأشكال مختلفة سيكون لها بلا شك تداعيات كبيرة.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي إنحياز وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً.