متابعة شاكر المهذبي وغفران الرطّازي
يتجه وفد تونسي رفيع المستوى يترأسه رئيس الحكومة هشام المشيشي، بالإضافة إلى وزير المالية ومحافظ البنك المركزي والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل ورئيس منظمة الأعراف، يوم 3 ماي إلى مقرّ صندوق النقد الدولي بواشنطن بغاية الحصول على ما يقارب 18 مليار دينار تقول الحكومة أنّ البلاد تحتاجها البلاد لسداد القروض المستحقة هذا العام وتمويل عجز الموازنة.
وأوضح علي الكعلي، وزير المالية، في تصريح لإذاعة ديوان آف آم، أنّ المشيشي راسل إدارة صندوق النقد الدولي، “حليفنا الأهم في الفترة القادمة” كما وصفه، في التاسع عشر من الشهر الجاري لاستهلال المفاوضات. وقد رحّبت مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا بالرسالة مطالبَةً بـ”إصلاحات طموحة”، في ردّها الذي تمّ نشره الأحد المنقضي. كما أشارت الى ضرورة “معالجة مشكلة استدامة المالية العامة والديون بشكل حاسم، وتنفيذ إصلاحات طموحة للمؤسسات العامة، وفاتورة رواتب الخدمة المدنية، ودعم الطاقة، وكذلك الاستمرار في تحسين مناخ الأعمال واستقرار القطاع المالي والإدماج المالي والحماية الاجتماعية والحوكمة”. يجدر بالذكر أنّ حجم القرض، الذي سيتفاوض حوله الوفد التونسي مع الفرق التقنية للصندوق، يُعَدُّ الأكبر في تاريخ الدولة ممّا يُنتظر أن تنجرّ عنه شروط من شأنها مزيد المسّ بالسيادة الوطنية.
وكان لافتًا في هذا الشأن ترحيب صندوق النقد الدولي بمشاركة جميع مكونات المشهد السياسي التونسي من أحزاب واتّحاديْ الشغل والأعراف وحتى بعض منظمات المجتمع المدني. ولئن تتحدّث الأهداف المعلنة من قبل الحكومة عن “ضمان المناخ الملائم للاستثمار” و”ضرب الاحتكار”، الاّ أنّ المنتقدين يقولون أنّها ستؤدّي إلى المزيد من سياسة التقشف ووقف الانتدابات وتجميد الأجور والتفويت في المؤسسات العمومية، إلى جانب توريط البلاد في مديونية لا فكاك منها. وينبّه المدافعون عن الاتفاق مع صندوق النقد أنّ فشل المفاوضات قد يؤدّي الى السناريو اللبناني، حيث عجزت الدولة عن سداد ديونها الخارجية، فيما ينبّه منتقدوه أنّ مواصلة الانبطاح لإملاءات صندوق النقد سيؤدّي الى السيناريو اليوناني وما أفرزه من فقر وبطالة.
ولا ينفكّ المدافعون عن التوجه إلى صندوق النقد يذكّرون ببعض الأرقام: عجز الميزانية الذي بلغ نسبة 7.3% ، إنكماش إقتصادي بنسبة 8.8% ، دون نسيان التراجع في تصنيفات وكالات الترقيم. الّا أنّه حتى البعض من هؤلاء يعترف بالآثار المرتقبة لهذا الاتفاق الجديد على سيادة البلاد. اذ قال الخبير الاقتصادي آرام بالحاج في تصريح لصحفية العربي الجديد هذا الصدد : “حضور صندوق النقد سيكون كبيراً في العديد من الملفات، ومن غير المستبعد تدخله في بعض السياسات العمومية، لا سيما المتعلقة بضغط كتلة الأجور وتقليص الدعم ومراجعة حصص الدولة في المؤسسات والمنشآت الحكومية، إلى جانب التدقيق في خطة الحكومة لفتح آفاق جديدة أمام المستثمرين، خاصة الأجانب، والإصلاح الجبائي والنقدي والمالي”.