شؤون وطنية/ نضالات فلاحية/ سيادة غذائية
متابعة ريم شعباني
عنكبوت الغبار في العراق، حلم الغبار على النخيل في اليمن، أو غبار الأتربة، السدّاية أو العنكبوتة في ڨبلي و الجنوب التونسي؛ كلّها أسماء تُطلق على نفس الآفة التي تمثّل أخطر الجوائح التي يمكن أن تداهم الفلاحين وتفتك بمحاصيلهم، مع الإشارة إلى اعتراض عدد من العلماء والبحوث العلمية على صحة تسمية “عنكبوت”، مؤكّدين أنّ النسيج العنكبوتي الذي يفرزه حول ثمار النخيل لامتصاص المواد الغذائية الذائبة فيما بعد، هو سبب الخلط ونسبه إلى العناكب في حين أنه ينتمي إلى القراديات.

في تونس، ورغم التحركات الاحتجاجية وصرخات الاستغاثة التي أُطلقت منذ شهر أوت الماضي خوفا من قدوم موجة ثانية من هذه الآفة بعد انقضاء الموجة الأولى، إلّا أنّه لم يكن هناك مفرّ خلال الموسم المنقضي من تلف جزء هام من محاصيل التمور وتكبّد أصحابها خسائر جسيمة. من جهته، أكّد السيد الطاهر الطاهري، عن جمعية حماية واحات جمنة، في حوار له مع انحياز، أنّ عائدات الجمعية على سبيل المثال قد انخفضت من مليار وثمانمائة مليم إلى مبلغ 600 ألف دينار، الذي يتضمن بدوره ما يقارب ال 200 الف دينار مصاريف، بما في ذلك تكلفة اليد العاملة. كما أشار إلى ضرورة صدور بحوث علمية ودراسات رسمية خاصّة بهذه الأزمة، يتمّ من خلالها وضع استراتيجيات استباقيّة في حماية المحاصيل وتوجيه الفلاحين عبر سياسة علمية ودقيقة، مؤكّدا على أنّ مكاتب الدراسات والهياكل الإدارية المعنيّة صلب وزارة الفلاحة هي الأوْلى بتحويل النظري إلى تحرّك ميداني يطرح حلولا عملية وناجعة في ظلّ تنسيقٍ متواصل بين الهياكل المتداخلة في هذا الشأن وبين الفلاحين والمزارعين. خاصّة وأنّ الدعوات التي ما انفكّت تُوجّه الفلاحين نحو إيجاد حلول فردية كُلٌ حسب خصوصية أرضه، لن تزيد الأمر إلّا تعقيدا وسط التضارب في التأويل الحاصل أصلاً حول الأسباب وسُبل العلاج والوقاية من هذه الآفة ووسائل مكافحتها.
كذلك استنكر الطاهري غياب المنظمات وعدم تفاعلها مع الفلّاحين المتضررين، وخاصّة عدم تحرك اتحاد الفلاحين وفرعه بالجهة وسلبيّته أمام كلّ ما حصل. واستنادا إلى كل هذه المعطيات، يصبح جلّيا أنّ التصدي لهذه الآفة مشروط أساسا بمقاربة استباقيّة ولا يقتصر فقط على ضرورة اتخاذ الفلاح جملة من الاحتياطات على المستوى الزراعي، كأن يراعي المسافات بين الشجرة والأخرى إضافة إلى الحرص على إزالة الأعشاب من حولها وتنظيف بقايا الثمار والعراجين باستمرار. بل يجب أن يشمل هذا التصدي أيضًا عددا من الإجراءات على مستويات أخرى. كأن يتم على المستوى السياسي إقرار خطة كاملة، تؤخذ فيها بعين الاعتبار مختلف العوامل والمؤثرات المناخية، الموسمية، الحيوية والزراعية. وأن ترصد لها من الموارد المالية والبشرية ما يمكّن من الاستعداد منذ فصل الشتاء لتلافي هذه الظاهرة أو التفطن إليها ومعالجتها قبل فوات الأوان من جهة، وممّا يمكّن أيضا من تركيز إحاطة بفلاحي النخيل وتوفير مناخ داعم تتوفر فيه المبيدات ووسائل المداواة بالكميات اللازمة والمطلوبة، ووفق تسعيرات مراقبة وملائمة من جهة أخرى.