تصميم : وجدي المسلمي
مرحبا بيكم في الاقتصاد بالسياسة
وزارة المالية فرحانة. هي الحق فرحانة من أوّل الصيف وقتلّي خبّرتنا فرحة مسرورة أنو الدولة حققت فائض في الميزانية ب314 مليون دينار في نهاية مارس 2022 ([1]). المرة هاذي في آخر الصيف ما قالت شي أما أحنا متأكدين أنها مازالت فرحانة بما أنو في نهاية جوان 2022 صحيح ما حققتش فائض أما العجز متاعها ما وصل إلاّ لـ470 مليون دينار، مقابل 1909 مليون دينار في نفس الفترة عمناول، أيّ أنو مبلغ العجز في الميزانية تقلّص بـ75%. مؤشرات المالية العمومية عال العال!
يقول القايل علاش ماناش نراو في الشي هذا في الحياة اليومية متاعنا؟ القهوة مقطوعة منا والقهاوي تعدّات بوضعيات صعيبة، السكر مقطوع من غادي وبوك بيّ كان مشيت على بكري للمغازة وخلطت علي كيلو سكّر وتوة الأمور بالصف، الإيصونص كيف كيف إنتي و زهرك. في جرّة انقطاع السكر نسمعو الي معامل البسكوي و القازوز قاعدة تسكّر. الزيت كيف كيف إنتي و زهرك وانتي ومعرفتك بالعطار.
كيف كيف نسمعو من غادي أنو الأسطول المتوفر عند شركة نقل تونس غير قادر على تأمين العودة الجامعية والمدرسية ومن غادي شركة الخطوط الحديدية تعلن على إلغاء سفرات حتى إشعار قادم. متاع النقابة قالّك المعاهد في تونس ناقصين 5000 أستاذة و أستاذ باش العام يتعدّى على الأقل في ظروف عادية. وبالأخص فما 12 ألف تونسي و تونسية كبار وصغار خاطرو بحياتهم باش يحرقو هذا في جمعة برك. ويظهرلي ناقفو هوني في تعداد الكوارث قبل ما العبد يعمل كوردة.
واحد من الإشكالات هو تطبيعنا مع الحالات هاذي. تطبيعنا مع أنو نقولو عادي ما فماش دوا و برا لوج شكون يجيبلك الدوا من برّة. تطبيعنا مع تدهور بنية النقل العمومي و برا يا قوم بكري يا اركب في هاك الحكة الي تتسمى نقل جماعي. التطبيع مع أنّك كان جات مرضة راهو لازم نتنّف روحك وتنتّف الأحباب والأصحاب باش تخلّص حق عملية عند ززّارة الكلينيكات. و عن قريب التطبيع مع نقص المواد الأساسية و تو زادا وقتها تتوجد الحلول التضامنية اللازمة بين الناس باش الناس لكلها تعيش.
الإشكال في تطبيعنا مع الوضعيات هاذي هو أنو نعتبروها طبيعية وهبطت علينا من السماء و عادي مادامنا دولة فقيرة و مُسالين و عن قريب نولّيو مرهونين. وإلا و بالأخص نحطوها في راس الفساد والإحتكار و غيرها. وقتلّي هي حالات مصنوعة صنعان وهي نتيجة عادية و مباشرة لسياسة الدولة الي تتلخّص في كلمة: التقشف. التقشف الي يظهر هوني في أنو الدولة قاعدة تتراجع عن سداد معاليم التعويض (أي الدعم) الي صاير علينا في تونس من الي بدا الصيف من انقطاعات عندو سبب واحد: الدولة قاعدة تقلب في المؤسسات العمومية متاعها في معاليم التعويضالدعم.
خلينا قبل كل حديث نفهمو كيفاش يوصلو الموادّ الأساسية للأسواق. القمح مثلا تشريه الدولة من الخارج عن طريق ديوان الحبوب وتبيعو في السوق الداخلية لمصانع العجين الغذائي والطاحونات بسوم محدد مسبقا و يكون السوم هذا أقل من السوق العالمية. ومن الشيرة الأخرى الطاحونات يحولو القمح لفرينة و يبيعوه للمخابز. بطبيعة في الثنية هاذي يتدخل صندوق التعويض في زوز مستويات: يعوّض لديوان الحبوب على الفارق بين سعر الشراء و سعر البيع و يعوّض من الشيرة الأخرى للمخابز في الفارق بين تكلفة الخبز و سعر البيع. الثنية بالنسبة للزيت النباتي ثنية مشابهة و تمشي من ديوان الزيت الي يورّد و بيع في السوق الداخلية لمصانع التعليب الزيت السكر والقهوة تجيبهم الدولة عن طريق ديوان التجارة الي عندو احتكار توريد ها الزوز موادّ.
بطبيعة ملّي برّكو معمل السكر ولّى السكر الكل نجيبوه توريد و كيف كيف القهوة. إذن يشريهم ديوان التجارة بالعملة الصعبة و يبيعهم للمتعاملين في السوق الداخلية. والأسعار في السوق الداخلية مضبوطة من عند الدولة لذا هوني كيف كيف يجي صندوق التعويض يعوّض الفارق بين سعر الشراء وسعر البيع. في الإيصونص كيف كيف: شركة تكرير النفط -الستير- هي تشري من برة و توزّع لداخل.
الرواية الرسمية للدولة هي التالية: في الحلقات الفاصلة ما بين دواوين الدولة المكفلة بضخ المواد هاذي في السوق الداخلية و بين المستهلك النهائي، فما برشا فساد واحتكار و كيف كيف مرة على مرة تجبدلنا خرافة أنو كل شي متوفّر و اللهفة متاع المواطن هي سبب المشاكل.
خلينا الساعة نقطعو دابر الإشاعة هاذي. أي الإشاعة الي تقول أنو السبب في نقص المواد الأساسية جا في جرّة المحتكرين و الفسّاد و غيرهم. و في جرّة زادا سيطرة الشركات الكبيرة و العايلات. موش معناها الشي هذا موش موجود. الشي هذا موجود و باش يقعد موجود مادام الدولة حالة اللعب للخواصّ باش يتلاعبو بأساسيات التغذية متاعنا. لكن المعلومة الأساسية الي يلزم نعرفوها أنو الدولة قلّصت في توريد القهوة والسكر والزيت في الفترة هاذي. مثلا في الزيت، حسب رئيس غرفة معلّبي الزيوت النباتية، الدولة كان من المفروض تزوّد السوق ب120 ألف طن زيت نباتي حتى نصف سبتمبر، لكنّها ما وفّرت كان 55 ألف طن -أيّ أقل من شطر الكمية اللازمة-.
ومعامل تعليب الزيت في حالة صعيبة وبعضها قاعد يسكّر ([2]). كيف كيف بالنسبة للقهوة ([3]) و زادا بالنسبة للسكر: فمثلا ورّدت الدولة التونسية في السبعة أشهر الأولى من 2019 كمية 351 ألف طن من السكر. بينما في السبعة أشهر الأولى من 2022 ما ورّدت كان 146 ألف طن([4])…
هوني انجمو نطيحو في الدراما: كاهو، الدولة فلست و ماعادش عندها فلوس أما هي فقط قاعدة اتّلّف في الجرّة باش الناس ما تخافش. أما في نفس الوقت البروباغندا متاع الحكومة ضاربة مسدّ كيفاش أنو مصاريف الدعم قاعدة تثقل في كاهل الميزانية و وصلت حتى وزيرة الصناعة تبسّسلنا أنو كان انّحيو صندوق الدعم باش انجمو نبنيو 50 مستشفى و ننجزو 8 خطوط حديدية سريعة ([5]). هوني نحلّو قوس صغير تو نرجعولو مرة أخرى: حكاية 50 سبيتار هي بيدها حكاية كان بطّلت الدخان راك توة عندك بورش.
عمرها ما صارت و عمرها ماهي باش تصير. دولة التقشف دولة لا تستثمر. و حكاية الخطوط الحديدية السريعة أولا ما عندنا ما نعملو بيها و ثانيا هي شبيهة بالحكاية الي صارت في المغرب وين الحكومة الفرنسية لزّت الحكومة المغربية باش تتسلّف من عندها و تحلّ سوق لشركة ألشتوم الفرنسية زادا باش تنجز خطوط للقطار السريع و هكة يصيرو مشاريع ما فيهم حتى لازمة و في نفس الوقت يتمعّش رأس المال الفرنسي على ظهر الشعب المغربي. نسكّرو القوس.
حقيقة الأرقام مغايرة تماما. السنا في قانون الميزانية([6]) تمّ برمجة 7262 مليون دينار مصاريف دعم على عام 2022 كاملا. 7262 مليون دينار. حتى لموفّى جوان ما صرفو منهم كان 2111 مليون دينار. يعني الحسبة على عام كامل تولّي 4220 مليون دينار. يعني فقط 58% من المصاريف المبرمجة. التقشف ضارب مسدّ. كان نحبّو المقارنات، 4220 مليون دينار أقل من مصاريف الدعم لسنوات 2021 و 2020 و 2019.
كان نرجعو شوية بالتوالي، مبلغ الدعم الي ماشية فيه الدولة سنة 2022 أقل من مصاريف الدعم لسنوات 2013 و2014 بينما من وقتها لليوم مداخيل الدولة الاعتيادية طلعت من 20000 مليون دينار في 2013 بينما المبرمج في 2022 أنو تكون تقريبا 38 ألف مليون دينار. قريب الضعف. بلغة أخرى: الأسعار طلعت، الميزانية تضربت في اثنين لكن مصاريف الدعم باش تقعد هي هي.
انّجمو نزيدو ندققو شوية في الأرقام. نلقاو إلي في الستة أشهر الاولى من عام 2022 أغلب مصاريف الدعم ماشية في المواد البترولية (أساسا للبترول نظرا لأنو الغاز الي تستحقو الستاغ مصادرو قارّة و ما غلاتش ياسر ([7]) ) لكن جزء ضئيل منها مشى للموادّ الأساسية (قمح و زيت و سكّر و غيرو…) يعني كاينها الدولة حاجتها أكثر بتوفير الإيصونص باش الكراهب والكماين اتدور أكثر من الي تستحق للموادّ الأساسية باش الناس تاكل. بطبيعة هذا كان سلّمنا بنظرية الأزمة و أنو ما فماش فلوس، هانا عرفنا أولويات الدولة وين (و هوني الحديث ينجم يتحلّ وقت آخر). الأكيد أنو مثلا الي صرفتّو الدولة في دعم المواد الأساسية -إلي هو 400 مليون دينار) هو أقل من شطر الي صرفتّو عمناول في نفس الفترة (إلي هو 850 مليون دينار. وهذا رغم الي أسعار المواد الأساسية هاذي لكل شعلت نار على الأسواق العالمية.
من الكلام هذا، نفهمو أنو الحكومة التونسية ماشية في سياسة ممنهجة في تقليص المبالغ المرصودة للدعم. و هذا لكلو علاش؟ لأنو الدولة قررت تلعب دور التلميذ النجيب و تقلّص في مصاريف الدعم. كيفاش تقلّص في مصاريف الدعم؟ تقلب المتعاملين معاها وأوّلهم مؤسساتها العمومية و بينهم ديوان التجارة. ديوان التجارة ماعادش عندو التمويلات اللازمة و يشري بالغالي و يبيع بالرخيص، و من غادي البنوك ماعادش تحب تسلّفو. وما ينجمش يتسلف بالساهل من البنوك الخارجية نظرا لأنو الترقيم السيادي متاع تونس طايح… النتيجة: بابورات قهوة وقمح وزيت يستناو قدام البرط حتى لين تتصبّلو فلوسو([8]). وهذا الكلو علاش؟ باش يرضى علينا صندوق النقد الدولي و يعطينا القرض الي تستنى فيه الحكومة بفارغ الصبر و كيف كيف يعطي الإشارة للمستثمرين والبنوك الأجانب أنو الدولة التونسية رجعت إلى مصافّ التلاميذ النجباء.
بطبيعة نتذكرو الي حكينا علاش الدولة التونسية تحب على اتفاق مع صندوق النقد الدولي: باش تعدّل مستوى مخزون العملة الصعبة. السخرية الكبيرة في هذا الكل أنو مؤخرا الدولة التونسية حلّت اللعب باش الخواصّ يورّدو هوما القهوة والسكر وغيرو. مثلا عطات الدولة مؤخرا رخصة لشركات “دليس” و “سويتي شوب” باش يورّدو السكر ([9]). بطبيعة الشركات هاذي باش تستغل مخزون العملة الصعبة متاع الشعب التونسي لكل. إلي تتذل على خاطرو الحكومة والدولة قدام صندوق النقد باش تجيب القروض.
إلي تعرق عليه خدّامة النسيج والي نستنزفو على خاطرو ثرواتنا المائية في سبيل تصدير القوارص والطماطم. و إلي يتمرمدو على خاطرو عاملاتنا وعمالنا بالخارج. في نفس الوقت الي مخزون العملة الصعبة هذا يتحطّ على ذمة الخواصّ، الدولة تقلب و تشقلب مع المؤسسات العمومية الي دورها أنها توفّر الموادّ الأساسية للناس.
هذا هو التقشف. هاذي هي الإصلاحات: يجوعو ناس وتتمرمد ناس وتتسكر معامل وتفقد ناس أخرى موارد رزقها… ويضحكو رؤوس الأموال الكبار. ويرضى علينا الصندوق.
إلى اللقاء.
المصادر:
[1] Tunisie: Le ministère des finances annonce un excédent du budget de l’état au terme du premier trimestre de l’année 2022.
[2] Pénuries d’huile végétale: A cause des impayés de l’état, des usines sont en péril.
[3] Pénuries en Tunisie: Cafetiers en équilibre précaire.
[4] في الأمن الغذائي أولويات:تقلص المشتريات من السلع الغذائية والتقشف يكشف عن نفسه.
[5] القنجي: ترشيد الدعم يمكّن من بناء 50 مستشفى و إنجاز ثمنية خطوط حديدية سريعة.
[6] نتائج وقتية لتنفيذ ميزانية الدولة إلى موفى جوان 2022.
[7] خبير في قطاع المحروقات: توفير العملة الأجنبية هو السبيل لتجاوز أزمة المحروقات
[8] مسألة رفع الدعم وتأثيراتها المالية وقدرة الدولة على تحمل كلفتها الإجتماعية