القضية الفلسطينية: العودة إلى جذور الصراع

15/10/2024

)تصميم (وجدي المسلّمي

لطالما كانت الولايات المتحدة الأمريكية نموذجًا للاستيطان والاستعمار منذ نشأتها، إذ ارتبطت بالإبادة الجماعية ضد السكان الأصليين، مثل الهنود الحمر، ما يجعلها في طليعة القوى الإمبريالية في العالم.اذ أنها بتسخيرها للموارد العلمية والاقتصادية والعسكرية، فرضت سيطرتها العالمية عبر استراتيجيات متعددة، من بينها تحالفها مع المشروع الصهيوني، الذي أصبح جزءًا من هذا النظام العالمي.

المشروع الصهيوني، منذ بداياته، وظف العامل الديني والظروف الاجتماعية ليهود أوروبا الشرقية لخدمة مصالح رأس المال المرابي. وقد تحالف سياسيًا مع قوى مثل النازية، وفقًا لما ذكره الكاتب روجيه غارودي، لاستغلال الهولوكوست كوسيلة لتعزيز قضيته.

الكيان الصهيوني: قاعدة الولايات المتحدة في المنطقة

مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، انتصرت الولايات المتحدة ليس فقط عسكريًا، بل بإنشاء شبكة من القواعد العسكرية حول العالم، تشمل قواعد برية وبحرية وأقمار صناعية. كان دعم ورعاية الكيان الصهيوني في قلب العالم العربي، جزءًا من هذه الاستراتيجية، ليصبح قاعدة متقدمة للهيمنة على المنطقة وتفتيت الوطن العربي، بهدف السيطرة على الثروات الاقتصادية الهائلة.
ان الصراع في الوطن العربي، في جوهره، هو صراع عربي-صهيوني، اذ يتحمل الشعب العربي مسؤولية تحرير فلسطين بدعم من الجوار الإقليمي المقاوم.

لا يمكن التفريق بين من يحكم الولايات المتحدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؛ فقد تمت معاهدات التطبيع مع إسرائيل في عهد الديمقراطيين، بدءًا من كامب ديفيد،ووادي عربة. وصولا إلى اتفاقيات أبراهام في عهد الرئيس الجمهوري دونالد ترامب. ولا يمكن للتناقضات الداخلية لإسرائيل أن تمس جوهر مشروعها الاستيطاني الاحلالي. فجميع الصهاينة مستوطنين، ومتفقين على التوسع والإبادة، ويظلون جزءًا من هذا المشروع الذي يمثل رأس الحربة للاستعمار في الوطن العربي.

الولايات المتحدة والهروب إلى الأمام

التاريخ يشير إلى أن معظم الإمبراطوريات انهارت بسبب الهزائم العسكرية. ومع ذلك، في حالة الولايات المتحدة، كان الانهيار الاقتصادي يسبق العسكري. اليوم، تواصل واشنطن هروبها إلى الأمام من خلال استخدام قوتها العسكرية لخلق بؤر توتر مستمرة، كما هو الحال في تايوان وأوكرانيا، للحفاظ على مصالحها الاقتصادية. لم تنتصر الولايات المتحدة في الحروب التقليدية التي خاضتها؛ بل لجأت إلى أساليب غير تقليدية، مثل استخدام السلاح النووي ضد اليابان، وفشلت في حروبها في فيتنام والعراق وأفغانستان.

منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، أصبحت إسرائيل مهددة وجوديًا. وهو ما يدفع الولايات المتحدة للتشبث بها كأداة رئيسية في المنطقة العربية، كي تتمكن من التفرغ لمواجهة خصومها الاستراتيجيين، الصين وروسيا، وللحفاظ على هيمنتها العالمية.

نداء لتحرير الشعوب

في ظل هذا المشهد، يجب على الشعوب العربية العمل على تحرير دولها من الأنظمة العميلة والمطبعة. هذه الخطوة تعد أفضل دعم لجبهات المقاومة المسلحة. يجب حشد كل الطاقات الممكنة وتقديم المساعدات بكل أشكالها لضحايا العدوان في فلسطين، لبنان، اليمن، وسوريا.


إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي إنحياز وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً.

مقالات ذات صلة

  •  عن الحلم والكابوس زمن الحرب

    من قال إنّ الإنسان يتجاوز الذكريات بمرور الزمن؟ من قال إنّ لكلّ الجروح دواء؟ لا أدري، لكنّي أعارضه كليًّا على…

    بلا حياد

    blank
  • تحرك أمام سفارة السلطة الفلسطينية احتجاجا على استهداف مخيم جنين

    نفّذ عدد من أعضاء تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين، اليوم الخميس، وقفة احتجاجية أمام سفارة السلطة الفلسطينية في تونس،…

    الأخبار

    blank
  • سقوط الأسد وإعادة خلط أوراق الشرق الأوسط

    سوريا الجديدة... طريق مليئ بالألغام والمستقبل رهين ذكاء السوريين حتى نتمكن من تحليل الوضع في سوريا اليوم واقعيا، يتحتّم علينا…

    رأي

    blank
  • افتتاحية | عن صعوبة المرحلة وبعض دروسها…

    عندما كتبنا قبل حوالي شهرين ونصف عن "الأيّام المصيرية" التي تعيشها المنطقة العربية، لم نكن نتوقّع أن تتسارع الأحداث بهذه…

    افتتاحيّة, الموقف

    blank