نظمت الشبكة التونسية لتصدي لمنظومة التطبيع مساء يوم الإربعاء المنقضي بنرل الهناء ندوة حوارية تحت عنوان《الأليكا والتطبيع》، قدّم خلالها الخبير الإقتصادي جمال الدين العويديدي مداخلة حول مخاطر الاتفاقية وأبعادها التطبيعية المحتملة.
استهلّ العويديدي مداخلته بتوجيه تحية إكبار للشعب الفلسطيني ولمقاومته المتواصلة للإستعمار الصهيوني الذي ما إنفك يصنع البطولات يوميا رغم الحصار ويثبت أن المقاومة هي السبيل الأوحد للنجاة، وفق تعييره.
تعتيم حول المفوضات
قال العويديدي أنّ المناقشات الجارية يين الحكومة والإتحاد الأوروبي لا ترتقي لمستوى التفاوض الندّي، بل هي طلبات في شكل إقتراحات قُدّمت فقط من الطرف الأوروبي. وذلك في إطار إستراتيجية إستيعاب المنطقة ووضعها تحت الضغط. وهو ما يفسّر غياب الوثائق المتعلقة بالإتفاقية بسير المفاوضات وكلّ هذا التعتيم.
التبادل التجاري والحرّ مدخل للهيمنة تاريخيًا:
وقدّم العويديدي لمحة تاريخية عن الإتفاقيات التي أبرمت في تونس منذ وثيقة عهد الأمان 1857 التي شبّه بنودها (البند 7-10-11) بنفس بنود الأليكا رغم اختلاف الحقبة التاريخية. اذ مثّل عهد الأمان مدخلا لإمضاء معاهدة باردو سنة 1881 ، والتي أدّت في النهاية للإستعمار الفرنسي لتونس.
وذكّر الخبير بإتفاق تجاري لسنة 1969 بين تونس والمجموعة الأوروبية وخاصّة اتفاق الشراكة في 1995 مع الاتحاد الأوربي. وأشار في هذا الصدد إلى دراسة للبنك الدولي سنة 1994 إستشرفت خسارة تونس لأكثر من 42% من النسيج الصناعي.
《الإتلاف الحاكم تحيّل على التونسيين》
وصرّح الخبير أنّ الإئتلاف الحاكم “غالط الشعب التونسي”. وأشار إلى أنّه تمّ طيلة الثلاث سنوات الأخيرة تمرير عدد من القوانين تحت قبة البرلمان تمهيدا لإبرام الإتفاقية الأليكا. اذ وقع تمرير قانون تشجيع مناخ الإستثمار سنة 2016 الذي يمكّن المستثمر الأوروبي من تحويل جميع مرابيحه للخارج كما مرر قانون إعادة المنافسة والأسعار كذالك قانون السلامة الحيوانية والغذائية وقانون الشراكة بين العام والخاص.
وقدم العوديدي بعض الأمثلة على التداعيات السلبية لقانون الشراكة بين القطاعين العامّ والخاصّ في فرنسا. حيث أفرزت هذه الشراكة، وفق دائرة المحاسبات الفرنسية، عمليات تحيل وسرقة للدولة في كل القطاعات (بناء سجون ومستشفيات وغيرها) زمن حكم ساركوزي، وقد كبدتها خسائر قدّرت بـ61%، ممّا دفع الدائرة الى المطالبة بانهاء العمل بها، وهو ما حصل كذالك في بريطانيا أين أثبت تقرير البرلمان فشل هذه الشراكة هناك، خاصّة في قطاع سكك الحديد.
وأضاف العويديدي أنّ النيّة من تمرير القانون الأساسي للبنك المركزي سنة 2016 ، والذي بموجبه مُنعَت الحكومة من الإقتراض من الخزينة العامة، كانت اجبار الدولة على التداين لدى البنوك الخاصة. وكشف أنّ غاية الإئتلاف الحاكم من تمرير كل هذه القوانين بتلك البنود هي حرمان الشعب التونسي من ممارسة حقه في المطالبة بمناقشة مختلف جوانب إتفاقية الأليكا عبر البرلمان، بما أن العملية كانت مدبّرة لجعل القوانين المذكورة تسهّل تمرير المصادقة على الإتفاقية لاحقًا في البرلمان.
كما ذكّر بموقف الباجي قائد السبسي لمّا كان رئيسا للحكومة سنة 2011 ، عندما وعد الأوروبيين بعدم تغيير منوال التنمية مقابل الحصول على ما قيمته 25 مليون دينار من الأموال المهربة لعائلة بن علي، وفق ما يعرف بمخطط مارشال، ولم يمكّنوه منتها. كما أشار أن الدولة التونسية في حالة إفلاس غير معلن جراء الخيارات الإقتصادية لجميع الحكومات التي حكمت تونس.
《التجويع مدخل للتطبيع》
ويُذكر أن الندوة شهدت حضور العديد من ممثلي الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني الذين طالبوا خلال النقاش بضرورة العمل على التصدي للإتفاقية التي وصفوها بـ”الإستعمارية” والعمل على بناء إقتصاد وطني مستقلّ، حتى لا تكون مطية التجويع مبرّرا للتطبيع مع الكيان الصهيوني.